لا أعتقد أن هناك مجال لمصالحة مصرية تركية فضلا عن أنه لا جديد في العلاقات مع قطر بإستثناء فتح الطيران،بل يمكن القول أننا امام تجميد مؤقت لبعض الملفات وليس حلول دائمة.تركيا تراوغ لكسب الوقت ولكن القياده السياسية المصرية تدرك "ألاعيب" نظام أردوغان.
مخطئ من يظن أن العداء بين تركيا ومصر هو عداء بين الرئيس السيسي وأردوغان، أو أن أردوغان وحده في تركيا هو ومن يمتلك تلك النظرة الخبيثة التي تستهدف مصر،فحتى ولو سقط نظام أردوغان سواء كان خلال الانتخابات القادمة أو قام شعبه بخلعه من خلال ثورة، فالذي سيتولى الرئاسة بعده بنسبة كبيره هو "اوغلو" وهو شخص لا يختلف عن اردوغان في سياسته ونظرته الخبيثة الى مصر و دول الخليج العربي، والذي يرى انه هذه الدول جزء من ميراث اجداده والطمع في الحصول على ثرواتهم من غاز ونفط أمر مشروع.
باختصار وبعد الطرد المهين لتركيا ورفض طلبها بالانضمام الى الاتحاد الأوربي واتهام اردوغان بأنه يقتني سلاح سيء السمعه وهو s400، والذي دفع ثمنه من خزائن شعبه وتركهم يواجهون الفقر والجوع، ومع ازدياد الطلب على الطاقة في انقرة وارتفاع فاتورة الطاقة إلي 45مليار دولار سنويا نمى تيار داخل تركيا بين السياسيين الأتراك "الاسلامجية" و القوميين يرى إمكانية إعادة الهيمنة التركية على المنطقة فيما اطلق عليه مفكرون حزب العدالة والتنمية التركي "العثمانية الجديدة"، والحقيقة أن هذا الأمر وجد قبولا في واشنطن اولا لسد الفراغ الناتج من حاجة أمريكا للتفرغ لمواجهة الصين و هو ما يمثل رهان استراتيجي على "شرطي" بديل يكون قادر على إدارة التنظيمات والأحزاب السياسية "الاسلامجية" لصالح واشنطن.
ثانيا لقطع الطريق على عودة الهيمنة الأوربية التقليدية كبديل للهيمنةالأمريكية اذا أن نشوء صراعات ثانوية بين تركيا وأوروبا يصب في صالح أمريكا ، مع إستمرار حالة "الخلخلة" المسيطر عليها في المنطقة و ليبيا مثال واضح.
هنا تكمن معضلة العلاقات المصرية التركية فاردوغان أو غيره سيظل يحاول لعب هذا الدور الذي يمثل نقيضا موضوعيا وتحديدا يرقى إلي درجة تحدي وجودي بالنسبة لدور مصر ومكانتها في المنطقة.
ثالثا بدا واضحا أن البرلمان التركي أصبح يدين أردوغان علانية فيما وصل له الاقتصاد التركي من انهيار بالاضافة الى ان تركيا اصبحت تعيش في عزلة تامة عن جيرانها ودول العالم بسب فشل سياسة اردوغان وسمعتها السيئة حيث أصبحت تركيا امام العالم معمل تفريخ للعناصر الارهابية التي تقتل وتسرق في ليبيا وسوريا والعراق وغزة ، بل ان الشعب التركي اتهم اردوغان بأنه بدد اموالهم في دعم وتمويل العناصر الارهابية في ليبيا والتكفيريين في سيناء كما ذكرت احدى نائبات البرلمان التركي في اتهامها لاردوغان بأنه جعل تركيا تخسر دولة محورية في المنطقه وهي مصر.
لهذا انظر لما يجري على انه مجرد عملية تجميد أو الهاء مؤقت من قبل تركيا، وعلينا أن لا نظن يوما أن شيئا تغير من اساسيات المشروع العثماني الجديد. وان سياسة الاتراك العدائية تجاه دول المنطقة وعلى رأسهم مصر و الخليج العربي ثابته، وما يحدث من قبل اردوغان الان من تهدأه مع مصر ليس سوى إنحناء أمام العاصفة التي وجهتها مصر باتجاه اردوغان ونظامه الحاكم. فقد عرت القيادة السياسية المصرية الوجه الحقيقي لنظام اردوغان في ليبيا وشرق المتوسط حتى أصبحت اوروبا ترى جيدا الاطماع التركية في الغاز وان نظام اردوغان اصبح يجيد استغلال الفرص و صناعة التهديدات التي تجبر الاتحاد الاوروبي على السير خلف رؤيته مستغلا بذلك ملف اللاجئين و تفريخ الارهاب في الماضي والان يعمل على اقتناء اسلحة سيئة السمعة مثل s400 الروسي.
ولكن ما لا يعرفه اردوغان ان القياده السياسية المصريه اصبح لديها الخبرة الكافية في التعامل مع الفكر "الاسلامجي" المتطرف و أصبحت تعرف كيف تعزف وتجعل "الأفعى العثمانلية ترقص" كيفما شئنا ووقتما شئنا. وان كل ما يفعله اردوغان من محاولات تقرب الى مصر ،لن تواجهها القيادة المصرية بالرفض لان دعم السلام والتهدئة بالمنطقة والحفاظ على امن وسلامة دول الجوار من اهم ركائز السياسة المصرية في عهد الرئيس السيسي، ولكن ذلك سيسير وفق رؤيتنا و آليتنا المصرية بما يحقق المصالح المصريه والعربية من خلال الشروط التي وضعتها مصر امام تركيا وبدأت فعليا في تنفيذها كغلق الابواق الاعلامية الخبيثة الموجهة ضد الشعب المصري وقيادته وكذلك تسليم الارهابيين، ومن خلال ضمانات فرضتها مصر لتقبل محاولات التقارب التركي منها وتضمن عدم عودة النظام التركي لسلوكه العدائي ضد مصر والخليج العربي.فقد خاب من ظن ان "ألاعيب" اردوغان غير مكشوفه لدى الادارة المصرية.
التعليقات