عبارة إستخدمت فى غير محلها بكل أسف أتى بها الشاعر الروماني فرجيل في ملحمته الإنيادة حيث يقول "إمرأة كانت قائد هذه المغامرة" أما المثل بنصه الفرنسي هذا (Cherchez la femme) فقد ورد فى مسرحية للكاتب الفرنسي ألكسندر دوما عام 1865 ثم تنقلها الانجليز ثم وجدت ضالتها فى وطننا العربى بكل أسف فصار المعنى أن المرأة سر البلاء وأصل كل الشرور فى العالم .
نتذكر دائما الأية الكريمة (فَلَمَّا رَأَىٰ قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ۖ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) ونذكرها فى كل مناسبة تذكيرا بعبقرية الكيد من النساء ونتجنب الأية الكريمة (قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِى غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَٰعِلِينَ) وكأن كيد الرجال ليس بكيد ولكن الله العادل الحق أوجز فى سورة يوسف أنواع الشر لكل البشر ولم يفرق بين الرجال والنساء .
يبحث أغلب الرجال فى مجتمعاتنا عن النساء فى صفحات الحوادث والفضائح لا تستهويهم صفحات العلماء والتاريخ لم يجدوا فى ملكة عظيمة مثل شجرة الدر سوى إمراة غيورة حقودة تدبر المكائد وقدموها لنا على طبق من فضة بالسينما ولم يجدوا فى تلك المرأة البارعة الجمال الملكة الشديدة الدهاء التي إستطاعت أن تحكم مصر ثمانون يومًا مخفية خبر وفاة زوجها الملك "نجم الدين الأيوبي" حتی لا تضعف عزيمة الجيش في عصر ملوك الطوائف وحينما أعلنت الخبر هنا وقف الرجال وقفة واحدة (لا تحكمنا إمرأة ! لم يتقبلوا تلك الفكرة منذ الازل أن المرأة مثل الرجل تملك عقلا وفكرا وقوة ودهاءا فاضطرها هذا إلی الزواج "من عز الدين أيبك" ونصب علی العرش بجانبها .
تغنوا دائما بعشق عنتر لعبلة وكيف أتى بالنوق العصافير شديدى الندرة من أجلها ويغفلون عمدا أنه لم يبقى عليها سوى ستة أشهر لعدم إنجابها وتزوج عليها ثمانية من النساء وفقا لما ذكره كتاب "سيرة عنترة بن شداد" ظلت زوجته لم يطلقها ولكنه تزوج وأنجب من غيرها وخانها مع كثيرات ومع ذلك تغنت به الكتب وأنتجت الأفلام من أجله لتمجده وتجعله على عرش المحبين .
يغفل البعض عن نساء عربيات بارزات ولهن إنجازات يتحاكى عنها الغرب قبل الشرق وأجده إغفالا متعمدا ومقصودا فى كثير من الأحيان فنجد "نعمت شفيق " أقوى امرأة عربية وفقاً لمجلّة فوربس وتشغل منصب نائب محافظ مصرف إنجلترا وعضو لجنة السياسة النقدية في المصرف نفسه، وعملت في مجموعة من المناصب الاقتصادية الهامّة أبرزها نائب المدير العام لصندوق النقد الدولي ولسكرتير الدائم للمملكة المتحدّة في مؤسسة التنمية الدولية ونائب البنك الدولي إضافة إلى عملها كخبيرة اقتصادية في عدد من المنظمات الدولية.
وأيضا المهندسة "زها حديد" المهندسة العبقرية كما يطلقون عليها ومجموعة من الإنشاءات المعمارية الغريبة والمتميزة حول العالم، كانت من أوائل النساء اللواتي نلن جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية عام 2004، وهي تعادل في قيمتها جائزة نوبل في الهندسة، وحازت على الميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية عام 2016، لتصبح أول امرأة تحظى بها.
المضحك المبكى فى مجتمعاتنا أنه إذا تخاصم رجلان فثالثهما إمرأة وإذا تقاتلا فشريكهما إمرأة وإذا قتل أحدهما الاخر فاليد كانت لإمرأة ! ولم نجد فى قصة قابيل وهابيل أى وعظ أو إرشاد فالغيرة والحقد لم تستحوذ عليهم النساء بل الانسان فيه الطمع والحقد منذ بدء الخليقة ولكنا ألصقناها بالنساء لنرفع عنا الحساب ولنتعافى من تهمة الظلم .
إبحثوا عن النساء فى النور وتفقدوهن فى عيون أمهاتكم وأخواتكم وزوجاتكم وبناتكم فكل يوم فى حياة المرأة يمثل إنجازا وتحديا ليست بالضرورة يجب أن تكون إسما بارزا إعلاميا لنشعر ونؤمن بما تقوم به فقط تعالوا نراها بأعين العدل والحق سنجد قصص وروايات لنساء معيلات وغير معيلات حققن المستحيل ويمثلن قدوة لغيرهن فارفعوا العصابة السوداء عن إعلامكم وأنيروا الطريق لهن لتغيروا ثقافة مجتمع أصبح لا يفكر سوى بلباس النساء وفقد البوصلة ليرى عقولهن.
التعليقات