هل كان يدرك مارك زوكربيرج مؤسس الفيس بوك ما سيتطور إليه الموقع من مجرد فكرة فى إحدي ليالي صيف 2003 كان يعاني فيها من الأرق في إحدي غرف السكن الداخلي للجامعة، فقرر إختراق قاعدة بيانات الجامعة لأخذ بعض الصور الخاصة بالطلبة ووضعها على موقع سماه ‘Facemash’ في شكل مقارنة بين الصورتين والتصويت أيهما أجمل .
لا اعتقد ذلك ولكن المؤكد أنه كان مؤهلا لكل مراحل التطوير التى تمت بعد ذلك والسؤال هل نحن كشعوب وحكومات كنا مؤهلين لغزو هذا الموقع لمجتمعاتنا ؟
ما يتم الآن من سيطرة لهذا الموقع فى تغيير الاتجاهات وتقديم المعرفة وقد تكون معرفة مزيفة فى الاغلب منها يجعلنى أؤكد أننا لم نكن مستعدين أبدا لمواجهة تلك التطورات ولم نفكر في العواقب والادلة والشواهد كثر على ما اقول.
إذا تعمقنا على مدار خمسة عشر عاما متصلة هى بداية إنشاء موقع الفيس بوك منذ عام 2005 سنجد أن الاغلب لم يحتاط لمواجهة هذا الغزو فنجد إنحدارسريع في الفكر والأخلاق واتساع الفجوة بين الأجيال وانتشار الشائعات لا يحصى ولا يعد ..فهل من الإنصاف أن ألقى كل التهم على الفكرة رغم أنني أجدها عبقرية ؟
لا اظن ذلك فالمواجهة كانت محسومة وكنا نملك الوقت ومازلنا نملكه - ذلك أظن - فى محاولة للدخول وإثبات الوجود بكفاءة، ولن يتم ذلك إلا إذا وجدت مجتمعاتنا بدائل فوق السطح وبعيدا عن القاع الذى وصلنا إليه يجب أن يجدوا الشفافية وإتاحة المعلومات من حكوماتهم بدلا من الانسياق وراء الاشاعات والاخبار الكاذبة عمدا يجب أن يجدوا فنا جميلا يرتقى بمشاعرهم وينتشر بينهم ويسابق العملات الرديئة التى تنتشر انتشار النار في الهشيم .
يجب أن تنهض المؤسسات من غفوتها وتلاحق هذا التطور لتكون مرجعا محترما لمواطنيها وألا تستهين بما ستواجهه من مقاومة لمحاولة إستعادة مجتمع ليعيش بروح الإنسان بعيدا عن روح الغاب التي استشرت حولنا وأصبحنا نرى ونشاهد فيديوهات تسجل الجرائم اون لاين!
الفكرة كانت بسيطة ومتواضعة فى البداية كتواصل مجتمعى فى مجتمعات غير عاطفية وتفتقر للحميمية فى علاقاتها الاسرية وأتت إلى مجتمعات تتعرف على بعضها بمنتهى البساطة فى المواصلات العامة وتنشأ صداقات من محطة لأخرى وبالتالي صار تطورا فى اتجاه مختلف تماما وأصبح يأخذ شكلا من أشكال الغزو بدون أسلحة وبمحاربة المجتمعات فى قيمها ومبادئها ومن يعادى ذلك أو يواجهه يكون من العصور المظلمة الغير مؤمنة بالتقدم وخلافه .
هنا نتحدث ليس عن بتر أوإلغاء أو حذف مواقع فانا ضد ذلك تماما فالمنع أكثر إغراء من المنح ولكن أن نهتم أننا كلنا مشاركون فى مناهضة التنمر والعنف بكل صوره وأننا مشاركون فى إرتقاء الذوق العام . يجب أن نقف ونحاسب أنفسنا حكومات وشعوب وأن ندرك حجم ما نواجهه من كارثة مجتمعية حقيقية.
التعليقات