في تصريح لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو منذ أيام ذكر أن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا لن يشكل نهاية للحرب ضد تنظيم داعش المتشدد، مضيفا أن ترامب قال: إن "الانسحاب من سوريا ليس نهاية الحرب على داعش، ونحن ملتزمون بها حتى بعد الانسحاب"، وأوضح بومبيو أن التحالف الدولي ضد داعش حقق تقدما أسفر عن تحرير نحو 7 ملايين شخص كانوا في مناطق تخضع لسيطرة تنظيم الدولة، هذا التننظيم الإرهابي الذي استطاع أن يسيطر على مناطق شاسعة في العراق وسوريا قبل نحو 4 سنوات، مني بخسائر كبيرة بعد طرده من أجزاء كبيرة من سوريا والعراق في الأشهر القليلة الماضية، وذلك بفضل الضربات الموجعة التي وجهها التحالف بقيادة الولايات المتحدة له، وبمشاركة دولة الإمارات التي كان لها دور بارز وفعال في القضاء على داعش كما جاء في تصريح ترامب مؤخرا.
مع ذلك يبقى السؤال الأهم والذي يفرض نفسه على ساحات محاربة التنظيم الآن " ماهو مصير "داعش" في هذه اللحظة، وبعد إعلان الرئيس الأمريكي القضاء عليه بل ومحوه نهائيا من الوجود؟"
قبل أيام ذكرت صحيفة "جيروزاليم الإسرائيلية" أن المخابرات الإسرائيلية حصرت ما يقارب 15000 إلى 20000 من مسلحي الدولة الإسلامية قد غادروا لعدة مواقع أخرى حول العالم في محاولة للهروب، بالتزامن مع صدور تقييم استخباراتي إسرائيلي حديث يحذر من أن إرهابي داعش الذين لا يزالون على قيد الحياة قد يعودون إلى الغرب لتنفيذ هجمات إرهابية، بما فيهم الآلاف من المقاتلين الأجانب الذين غادروا بلدانهم الأصلية للانضمام إلى تنظيم الدولة، ولكن بعد 13300 غارة جوية نفذها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ، تم حصر تنظيم داعش في أقل من سبعة كيلومترات مربعة في سوريا ، وقتل الآلاف من مقاتليها و ألقي القبض على آخرين.
أعتقد أنه مع الهزيمة التي كبدت داعش خسائر مهولة على الأرض، فإنها ستعود إلى كونها عصابات إرهابية تعمل خارج الصحراء السورية المتاخمة للعراق وكذلك في مقاطعاتها ، وستشن من خلال هذه المواقع عدة هجمات منظمة ضد قوات الأمن والمدنيي،وفقاً لتقرير استخباراتي إسرائيلي صدر مؤخراً ، والذي تم تقديمه قبل أسبوعين إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي.
حافلات مجهولة تنقل داعش وأسرهم من الباغوز
أفادت مصادر إعلامية أن عدداً من الشاحنات المجهولة وصلت إلى محيط أخر الجيوب التي يسيطر عليها تنظيم داعش بمحافظة دير الزور وهي أخر معاقلهم الذي ينحصر فى أقل من 1 كم مربع، وتم نقل العناصر الإرهابية باتجاه الحدود التركية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الجهة التي تتولي تأمين و نقل أعضاء التنظيم، وما تضعه من مخططات خبيثة لإنقاذ بقايا الدواعش من الضربات القوية التي وجهت لهم بنجاح من قبل قوات التحالف، الأمر الذي فسره البعض بعمليات إعادة تدوير للدواعش من قبل الجهة الناقلة لهم، ومساعدتهم على لملمة صفوفهم وعودتهم مجدداً.
خطر العائدين من داعش على بلدانهم الاصلية
تزامنا مع تصريحات ترامب التي دعا فيها بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى استعادة أكثر من 800 مقاتل من تنظيم داعش تم اعتقالهم ومحاكمتهم ، وقوبلت تلك الدعوة بالرفض من قبل تلك الدول، أصبحت السلطات الغربية لديها قلق متزايد بشأن مواطنيها العائدين من الشرق الأوسط ، بعد أن خضعوا للتدريب والخبرات في الخطوط الأمامية، ووفقا لتقييم الاستخبارات الإسرائيلية المنشور مؤخرا بصحيفة "جيروزاليم" ، هناك قلق من أن هؤلاء المقاتلين سيعودون إلى بلدانهم الأصلية بنية ارتكاب هجمات إرهابية".
ويعكس التقييم الإسرائيلي تحذير الاستخبارات الأمريكية ، والذي أصدره مدير المخابرات الوطنية دان كوتس في أواخر يناير وذكر فيه أن مقاتلي الجماعة ذوي الجذور القتالية لديهم المهارات اللازمة لمواصلة شن الهجمات وتعزيز قدراتهم حول العالم، وقد عبرت بعض الصحف الإسرائيلية عن قلقها من عدم محاكمة المقاتلين الأجانب العائدين بسبب جرائمهم في سوريا والعراق ، وسيتم إطلاق سراحهم في المجتمع حيث انهم قد يستهدفون أيضًا المؤسسات اليهودية مثل السفارات أو المراكز المجتمعية متذكرين بذلك هجوم عام 2014 والذي قام به المهدي نيموش ضد المتحف اليهودي في بروكسل
وقد تم التعرف على نيموش ، الذي يحاكم حالياً باعتباره المشتبه الوحيد في الهجوم الذي أودى بحياة أربعة أشخاص، على يد صحفي فرنسي كان قد احتجزه تنظيم الدولة في سوريا.
فمازال داعش يمتلك آلاف المقاتلين في العراق وسوريا، وهو يحتفظ بثمانية فروع وأكثر من 12 شبكة وآلاف من المؤيدين المتفرقين في جميع أنحاء العالم ، على الرغم من الخسائر الكبيرة للتنظيم الارهابي في المنطقة و من المرجح جداً أن يستمرالتنظيم بشن الهجمات الخارجية من العراق وسوريا ضد الخصوم الإقليميين والغربيين.
ايدلوجيات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في تجنيد الشباب إلكترونياً
قام التنظيم الإرهابي بوضع العديد من الخطط لتجنيد العديد من الشباب خلال السنوات الماضية، مستغلين بذلك وجود عناصر ارهابية مدربة للإنغراس بين تجمعات الشباب العربي على وسائل التواصل الإجتماعي، ومحاولة جذبهم بشتى الطرق مستغلين بذلك بعض المشاكل التي يعاني منها هؤلاء الشباب العرب من بطالة وأفكار مشوشة وفقر ،بل ان عناصر داعش "الخلايا الالكترونية" استحدثت طرق جديدة لضم العديد من الشباب بإنشاءهم لصفحات الكترونية تحمل صور وأسماء سيدات عاهرات يتطلعن إلى تكوين علاقات عاطفية أو جنسية مع الشباب العربي،ومن ثم تجنيدهم بصورة ميسرة للعمل ضمن أعضاء التنظيم،بحسب ما صرحت به عدة مواقع أمريكية. وذلك ما يجعلنا نتوقع أن هذه الخلايا الإلكترونية الداعشية ستستمر في العمل تحت راية داعش، وتحث مؤيديها على شن هجمات في بلدانهم الأصلية.
ما أود التأكيد عليه فى النهاية هو أن خطر "داعش" الأكبر يكمن في خلاياة النائمة، المتخفية عن أنظار القوات الأمنية، لا سيما أن التنظيم تأسس من بقايا تنظيم القاعدة فى العراق، كافة الابحاث والدراسات تشير إلى أن محاربة أى فصيل مسلح يتم على 3 مراحل، حيث تمثل المواجه الأمنية 7 بالمائة بينما تمثل العملية الاستخباراتية 31 بالمئة، فى حين أن ملاحقة الخلايا النائمة ونشر الفكر المدحض للأفكار المتطرفة تمثل 62 بالمائة، الخطر الثاني يتمثل فى عودة الدواعش إلي بلدانهم محملين بالفكر التكفيري، بل ويتعاظم القلق من محاولة نشر الأفكار المتطرفة وغرسها داخل عقول الشباب، فى وقت تشهد فية العديد من الدول العربية نسب بطالة غير مسبوقه، ما يجعل هذة الفئة أرض خصبة تُسهل من زراعة التطرف بداخلهم، ومادة يسهل تشكيلها من قبل الكيانات الإرهابية والتاريخ مليئ بالتجارب.
ومسألة التطرف والأرهاب ليست فقط مسألة أمنية إذا أرادت الدول الفاعلة فى سوريا والعراق محاربته، وإنما لها أبعاد أخرى عدة منها: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، التي لابد من الاهتمام بها، وفي هذا السياق لا بد من النظر إلي النموذج الذي قدمته دولة الإمارات والاقتداء به، حيث عملت دولة الإمارات بتفانٍ وإخلاص على خلق فرص العمل للشباب في شتى المجالات، ودعمهم ببرامج تأهيلية وثقافية وبرامج توعية من أخطار الاستخدام الخاطئ لشبكات التواصل الإجتماعي والانترنت، ولا ننسى أن دولة الامارات كانت من أوائل الدول التي سمحت للشباب بتولي مناصب قيادية في العديد من الوزارت، وهذه رسالة صريحة للشباب الاماراتي بأن الأمل موجود وبالعلم والعمل والسعي يحقق الشباب طموحاته، ويصل إلى أعلى المناصب، كما كانت رسالة سلام وتسامح واضحة وجهتها أبوظبي لكل شباب العالم، تمثلت في لقاء الأخوة الإنسانية الذي جمع قطبي الحوار الديني، قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والذي أكد أن الإرهاب لا يؤسس دول ولا يصنع إنجازات وعمره قصير مهما طال أمد محاربته، إنما تبنى بالحضارات والتسامح واحترام حقوق الانسان.
التعليقات