تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من أهم الدول العربية التي تتمتع بتراث أصيل ومتنوع. لقد حرص قادة الإمارات منذ عهد الأب المؤسس والقائد الكبير الشيخ زايد "رحمه الله" على الحفاظ على ذلك التراث وتنميته وإبرازه للجميع محليًا وعالميًا. كذلك يحرص حكام الإمارات وأولياء العهود على ترسيخ ذلك التراث في نفوس المواطنين ويعملون على تعريف الأجيال الجديدة به ليبقى حيًا في ذاكرتهم. لذلك تنشر المتاحف ومراكز حفظ التراث في كل إمارات الدولة وتحظى باهتمام ورعاية كبيرة. ومن بين الجهود المتميزة لنشر التراث في دولة الإمارات الحرص المستمر على إقامة العديد من المهرجانات والفعاليات التراثية.
تشهد الإمارات بشكل سنوي العديد من المهرجانات والفعاليات التراثية التي تعمل على استحضار تفاصيل حياة الأجداد بثوب عصري يجذب الزوار ويحقق متعة المشاهدة مع تعزيز القيمة الثقافية. وتتميز تلك المهرجانات بثراء وتنوع موضوعاتها التي تُلبي كل الأذواق من مختلف الجنسيات، فهناك مهرجانات للصيد وأدواته، ومهرجانات للتراث البحري، ومهرجانات للزراعة والتمور، ومهرجانات للحرف اليديوية التقليدية، ومهرجانات للفنون الشعبية، وغير ذلك من الموضوعات التي تزخر بها الثقافة الإماراتية.
لقد استطاعت تلك المهرجانات أن تحقق الفوائد الثقافية المرجوة، فضلًا عن تعزيز جودة الحياة في الإمارت وتنشيط حركة السياحة إلى جانب الرواج الاقتصادي. لا شك أن تلك المهرجانات والفعاليات التراثية تتميز بالثراء والتنوع وتواكب روح العصر، وإلى جانب رسالتها الثقافية تحرص أيضا على عرض الأعمال الإبداعية والتجارب الفنية للمشاركين. ولا تغفل مهرجانات التراث في الإمارات دور الترفيه والفنون كجزء أساسي يهم الزوار ويضفي أجواء من البهجة والمرح بين الصغار والكبار، ويتجلى ذلك في العروض الموسيقية والمسرحية والسينمائية.
تهتم معظم تلك المهرجانات بالتجربة الحية للزائر وكأنها تأخذه في رحلة إلى الماضي ليرى كيف كان يعيش الأجداد. نجد في عدد كبير من تلك المهرجانات التراثية أجنحة كاملة أو قاعات عرض تفاعلية تضم أشكال للأسواق القديمة، ومجسمات للبيوت التراثية، وأدوات الصيد والطهي والألعاب الشعبية، وبعض المهن والحرف اليدوية وطرق ممارستها من مختلف البيئات في الإمارات، وكأن المكان تحول إلى موقع حي مبتكر يخاطب كل الأجيال. وعلى هامش تلك المهرجانات يتم عمل مسابقات جميلة خاصة بين الأطفال لتنمية معلوماتهم حول تراثهم الوطني، وتكون الجوائز قيمة لتزيد من حماستهم للمشاركة.
أصبحت المهرجانات التراثية في الإمارات حالة إبداعية فريدة يتنظرها الجميع سواء من السكان أو من الزوار من خارج الإمارات. تحولت المهرجانات من احتفالات شعبية إلى فعاليات تثقيفية تتضمن برامج تراثية وترفيهية متنوعة، ومحاضرات توعوية ومعارض وورش عمل، وأنشطة تعليمية للأسرة والطفل. لقد نجحت تلك المهرجانات نتيجة الحرص المستمر على تطويرها والاهتمام بها كل عام في إلقاء الضوء على عراقة التقاليد والتراث الشعبي لدولة الإمارات، كما استطاعت استقطاب أهل الحرف اليدوية والصناعات التراثية ودفعتهم إلى صونها واستدامة ممارستها والترويج لها داخليًا وخارجيًا، وتعليمها للأجيال القادمة.
باحث في التاريخ والتراث
التعليقات