يُقال إن القلب هو سيد القرار، وإن العاطفة لا تخضع لناموسٍ أو قانون. لكن مع الأيام يتضح أن للعاطفة ضوابط، وأن العقل هو من يرسم الحدود لتبقى الروح في مأمن من التيه والانكسار.
حين يُغلق المرء بابًا ما، فهو لا يغلقه صدفةً ولا هروبًا، بل يختار أن يحمي ذاته من نزيفٍ لا ينتهي. يظن البعض أن الباب إذا أوصد انتهى الأمر، لكن الحقيقة أن الرياح تعود لتطرق من جديد، في لحظاتٍ لا يتوقعها أحد. تأتي رسائل تبدو كواجبٍ بريء، لكنها تحمل بين طياتها نداءً خفيًا لماضٍ رفض صاحبه الرجوع إليه.
هناك تبدأ المعركة الحقيقية: القلب يلوّح بالحنين، والعقل يذكّره أن النجاة لا تكون إلا بالثبات. ليست المواجهة هنا في الكلمات، ولا في الأفعال الظاهرة؛ بل في التماسك الداخلي، في القدرة على الإمساك بالزمام وعدم الانجرار.
كل تجاهلٍ واعٍ ليس فراغًا، بل اختيارٌ متعمد. كل امتناع عن ردٍ ليس صمتًا، بل إعلان قوة. كل انسحابٍ محسوب ليس هروبًا، بل حفاظ على المسافة التي تحمي النفس من الانهيار.
في النهاية، يدرك المرء أن الباب لم يُغلق في وجه أحد بقدر ما أُغلق في وجه ضعفه هو، وأن شعور الوخز لم يكن إلا برهانًا على صدق النية، وأن الثبات أمام الإغراء هو انتصار الروح على ذاتها.
وهكذا يصبح الباب الحارس الأمين: لا يحجب الحياة، لكنه يمنع الانهيار؛ لا يغلق على القلب، بل يحرسه من التبدد.
التعليقات