أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف جالانت للاشتباه بارتكابهما جرائم حرب في قطاع غزة، وأكدت المحكمة أن قبول إسرائيل باختصاص المحكمة غير ضروري.
والسؤال: علي أي أساس تستند إسرائيل برفض اختصاص الجنائية الدولية لإصدار مثل هذه الأوامر بحق رعاياها ومسئوليها علي حد السواء؟
وفقاً لنظام روما الأساسي والخاص بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، فقد نصت المــادة 12 منه والخاصة (بالشروط المسبقة لممارسة الاختصاص) علي:
"1- الدولة التي تصبح طرفاً في هذا النظام الأساسي تقبل بذلك اختصاص المحكمة.
2- في حالة الفقرة (أ) أو (ج) من المادة 13 (المعنية بممارسة اختصاص المحكمة) , يجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفاً في هذا النظام الأساسي .... أ) الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث...
وحيث إن إسرائيل لم توقع علي نظام روما الأساسي والخاص بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، فهي تتمسك بعدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بالنظر في أي جريمة ترتكب من رعاياها.
ولكن المحكمة الجنائية سبق وقررت اختصاصها بنظر الجرائم التي ترتكب علي الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967م،
حيث إنه في ديسمبر 2019م، انتهي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلي توافر المعايير لإجراء تحقيق في الجرائم التي ترتكب على الأراضي الفلسطينية.
ومن ثم في يناير 2020م تم طلب الرأي من الدائرة التمهيدية الاولى للمحكمة الجنائية الدولية للبت فيما إذا كان يتوافر الاختصاص الإقليمي للمحكمة في حالة دولة فلسطين من عدمه.
وفي فبراير 2021م أصدرت الدائرة التمهيدية الاولى سالفة الذكر قرارها بانعقاد الولاية الإقليمية للمحكمة الجنائية الدولية على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في 1967 ومنها الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس استنادا إلى انضمام فلسطين لنظام روما الأساسي المنشيء للمحكمة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني لتقرير مصيره واستقلاله داخل دولة فلسطينية علي الأراضي الفلسطينية.
ولذلك قررت المحكمة إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه نظراً لارتكاب جرائم الحرب المحتملة، علي أراضي دولة منضمة لنظام روما الأساسي المنشيء للمحكمة (فلسطين)، وحدودها الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في 1967 ومنها الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس.
خلاصة القول....
صحيح أن صدور مثل ذلك القرار (أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه) كان بمثابة الانتصار للعدالة وحقوق الإنسان دون تمييز. ولكن ينبغي التريث وانتظار نتائج التحقيقات وحكم المحكمة، حيث إن ما صدر (رغم أهميته) مجرد أمر اعتقال للاشتباه في ارتكاب جرائم، وليس قرار إدانة للمشتبه بهما، وعليه فإنه مازال من الوارد أن يصدر حكماً من المحكمة لاحقاً بتبرئة ساحة المتهمين لعدم كفاية الأدلة بحقها.
وهو ما يستدعي تكاتف جهود الأفراد والمؤسسات الحقوقية والحكومات المدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني، لتقديم كل ما يلزم من ضغط سياسي وشعبي وإعلامي، للحد من الضغوط السياسية التي قد تتعرض لها هيئة المحكمة، عند نظر مثل ذلك الاتهام بحق المسئولين الإسرائيليين -لأول مرة في التاريخ- وخصوصاً في عهد الرئيس الأمريكي المقبل دونالد ترامب.
التعليقات