في مسرح الحياة الكبير، نحن جميعًا ممثلون في مشهد واحد، نسعى نحو ستار النهاية ذاته. لكن لكل منا أداؤه الفريد، ورقصته الخاصة على خشبة الوجود.
منا من يعدو كغزال البرية، خفيف الخطى، سريع الحركة. وآخر يتمهل في مسيرته، كحكيم يتأمل كل حجر وزهرة في طريقه. هناك من يدور بعينيه كالنسر، يرصد كل تفصيلة في المشهد الكوني. وثمة من يرنو إلى السماء، كعاشق يبحث عن نجمته في ظلمة الليل. وبيننا من يركز نظره أمامه، كسهم منطلق نحو هدفه، لا يلتفت يمينًا أو يسارًا. و قد نجد في قافلتنا من يتفحص الأرض تحت قدميه، كخبير ألغام يكتشف مواطن الخطر ليتجاوزها بمهارة الفارس المغوار.
كل له أسلوبه.. كل له مهاراته..
كلنا نسير على نفس الطريق، ونحلم بنفس الأفق البعيد، غايتنا واحدة، لكننا ندخل هذا المضمار كأفراد متباينين، كل منا يحمل في جعبته خبرات فريدة ومشاعر متنوعة كألوان قوس قزح.
فلنكف عن قياس رحلتنا بساعة السباق، أو بخط النهاية. فالخالق العظيم قد رسم لكل روح مسارها الفريد، ومنحها من الأدوات ما يناسب جوهرها الأصيل، وقدراتها التي نُقشت في لوح الوجود.
دعونا نتوقف عن النظر إلى حياة الآخرين بعدسة المقارنة القاتمة. فلا نحسد على رزق، ولا نغار من قدرة، ولا نتحسر على عائلة، أو نتشفى في زواج أو طلاق. فكل ما يأتينا من يد القدر هو خير، حتى وإن عجزت عيوننا عن إدراك حكمته.
في نهاية المطاف، نحن جميعًا رحالة في قافلة الحياة، نحمل أمتعتنا المختلفة، ونسير بإيقاعاتنا المتباينة، لكننا نتشارك نفس الأفق، ونحلم بنفس الوصول. فلنحتفل بتنوعنا، ولنقدر فرادة كل روح في هذه الرحلة العظيمة.
التعليقات