يُمثل التعامل مع شخص بخيل المشاعر تجربة مُحبطة ومُرهقة، أشبه بالسير في صحراء قاحلة بحثًا عن قطرة ماء. هذا الشخص الذي يتوقع منك أن تكون بئرًا لا ينضب من العواطف والحنان، بينما هو لا يقدم سوى جفافًا وقسوة.
تجد نفسك أسيرًا لدائرة مفرغة من التوقعات غير الواقعية، فمن المتوقع منك أن تقدّره وتعامله باحترام وأن تُظهر له كل الحب والتقدير، بينما هو يكتفي بردود أفعال باردة ومقتضبة. تشعر وكأنك تسقي نبتة ذابلة، تأمل أن تنبت وتزدهر، ولكنها تظل كما هي، جامدة وغير متجاوبة.
تائه في متاهات تفكيره، تحاول جاهدًا فهم دوافعه وأسبابه، ولكنك تفشل في كل مرة. هل هو خائف من الارتباط العاطفي؟ أم أنه يخشى أن يظهر ضعفه؟ أم أنه ببساطة شخص أناني لا يهتم بمشاعر الآخرين؟ أسئلة كثيرة تدور في ذهنك بلا إجابة شافية.
يتعامل مع العواطف وكأنها عملة تجارية، يسعى دائمًا لتحقيق أكبر قدر من المكاسب بأقل قدر من العطاء. يرى أن الاعتذار إقرار بالضعف، وأن إظهار المشاعر يجعله يبدو ضعيفًا. لا يدرك أن العلاقات الإنسانية مبنية على التبادل والتناغم، وأن العطاء يأتي جنبًا إلى جنب مع الأخذ.
مهما حاولت الإصرار، ومهما قدمت من تضحيات، ستصل العلاقة إلى طريق مسدود. فالعطاء من طرف واحد لا يمكن أن يستمر إلى الأبد، فالشعور بالإهمال والجفاء سيؤدي حتماً إلى اليأس والإحباط.
يقول المثل: "الذي يزرع يحصد"، والعلاقات الإنسانية ليست استثناءً. يجب أن يكون العطاء متبادلاً حتى تزدهر وتثمر. فالإنسان بطبيعته اجتماعي، ويشعر بالسعادة عندما يجد من يبادله الحب والاحترام.
إن التعامل مع شخص بخيل المشاعر تجربة مؤلمة، ولكنها تعلمنا الكثير عن أنفسنا وعن طبيعة العلاقات الإنسانية. تجعلنا ندرك قيمة العطاء المتبادل، وأن السعادة الحقيقية تكمن في إيجاد شريك حياة يستحق حبنا وعاطفتنا.
التعليقات