كانت بائعة خبز على الطريق، كان من عائلة فقيرة، قصص كثيرة كانت وراء أبطال أولمبيين من كل دولة كبيرة كانت أو صغيرة، وصلوا إلى قمة المجد، ورفعوا أعلام بلادهم في الأولمبياد، ومع إسدال الستار عن الدورة الـ33 للألعاب الأولمبية باريس 2024، تبدأ الدول في كشف الحساب لاكتشاف نقاط الضعف لتلافي الأخطاء سريعا لبدء إعداد بطل أولمبي جديد للدورة القادمة، هذا من المفترض حدوثه في الدول الكبرى التي تعرف ماذا تفعل بدون "اختراع العجلة من جديد".
ولكن في مصر دعونا "نخترع العجلة من جديد!" ولما لا، ونحن أكبر دولة في المنطقة عددا، وأقدم دول العالم تاريخيا وحضاريا، لماذا لا نعود إلى الوراء خطوات حتى نعرف أين أخطأنا ونعيد ترتيب أوضاعنا وحتما ستأتي الانطلاقة بعدها لأميال، ولكن كيف ذلك؟.
حصاد 3 ميداليات بأكبر بعثة أولمبية بالشرق الأوسط وأفريقيا في 32 لعبة، أمر غير منطقي لا يرضي طموحات المصريين بأي شكل من الأشكال، ماذا حدث؟ هل هذا مستوانا الطبيعي؟ هل هو عدم توفيق؟ هل قلة الخبرات السبب؟ أم يوجد أسباب أخرى ربما يعلمها البعض ولكنها ليست محور حديثي هنا.
إعداد بطل أولمبي هو مشروع قومي لا يقل أهمية عن أي مشروع أخر في البلاد، بل رفع اسم البلاد عاليا في أكبر محفل رياضي في التاريخ يجب أن يكون في مقدمة المشاريع القومية.
دعونا نبكي على اللبن المسكوب فنحن نستحق أفضل من ذلك يجب أن نشعر أولا أننا مقصرون في حق بلادنا، يجب أن نستشعر الخطر من طرقنا القديمة البالية، ثم نقف على أرجلنا ونمسح دموعنا ونشمر ثيابنا للعمل بجهود أكبر لما هو قادم.
أرى أن مشروع إعداد بطل أولمبي لن يبدأ من النوادي بل من الشوارع والأزقة حيث ملايين المواهب التي لم يعرف النور طريقها، ولكن كيف يمكن للأضواء أن تصل إليهم؟
الأمر غير معقد، يبدأ بإرادة جادة من القيادة العليا للبلاد بتبني مشروع البحث عن بطل أولمبي، تفسح له القنوات والصحف وكل وسائل الإعلام مساحات واسعة للبحث عنه، بل إنشاء قناة خصيصا له لا يقل أهمية عن القنوات الأخرى سواء كانت سياسية أو ترفيهية أو حتى تعليمية.
ثانيا يتم إنشاء مجلس أعلى للمشروع يتولاه شباب وذوي خبرة محلية وأجنبية في اكتشاف المواهب.
ثالثا وضع برامج اكتشاف في كل الألعاب التي ستلعب في الأولمبياد القادمة، تكون مختصة بوضع مسابقات لاكتشاف المواهب بدون اي تحيز سواء ديني أو فئوي، بل لأي شخص أيا كان وضعه يطمح في جلب ميدالية لبلاده.
على سبيل المثال:
- في رياضة "العدو السريع" يتم تحديد شرط أن يستطيع المتقدم للاختبار أن يركض 100 متر في وقت زمني مدته 10 ثواني وهو الأقرب للرقم الأولمبي، والرقم القياسي المسجل باسم الجامايكي يوسين بولت 9.58 ثانية.
- في رياضة الوثب العالي يتم تحديد شرط 2.2 متر وهو الأقرب للرقم القياسي 2.39 متر، الذي حققه تشارلز أوستن في عام 1996.
- في رياضة السباحة يتم تحديد شرط 44 ثانية للوصول إلى 100 متر سباحة حرة وهو الأقرب للرقم الأولمبي كثيرا.
ويمكن التقديم لكل الفئات العمرية لمن يستطيع تحقيق هذه الأرقام، بهذا سنجد حتما الآلاف من المواهب في كل بيت مصري، تستحق أن تمثل بلادها بدون أي تحيز.
ولكن هل يوجد إرادة من الأساس لتبني أفكار ثورية أم المضي قدما في طرقنا القديمة هو الحل الأسهل.
التعليقات