ربما كان يجب على سكير أن يقرر الذهاب إلى فيتنام وسط الحرب لإيصال البيرة إلى أصدقائه الذين يقاتلون في صفوف جيش الولايات المتحدة ليستفيق ويفيق معه الأمريكان على أهوال ما جرى في فيتنام عام 1967.
هذا ما حدث في القصة الحقيقية التي تناولها فيلم السيرة الذاتية الأمريكي «The Greatest Beer Run Ever» أو «أعظم بيرة على الإطلاق» والذي في صُدر أواخر العام الماضي.
لأفلام الحرب الأمريكية دائما طابع التفاخر بالقوة الأمريكية وأسلحة جيشه وطيرانه وأسطوله البحري، ولكن ما حدث في فيلم «أعظم بيرة على الإطلاق» هو تصحيح للمفاهيم المغلوطة عن الحرب التي خلفت 60 ألف قتيل فقط من الجيش الأمريكي، وملايين من العساكر والمدنيين من فيتنام وكمبوديا، في حرب وصفها البعض أنها كانت بمثابة حرب بالوكالة في حقبة الحرب الباردة، أفاقت غالبية الأمريكيين بأنها كانت حرب غير إخلاقية وغير مبررة.
بررت الولايات المتحدة وقتها حربها في فيتنام بنظرية الدومينو والتي افترضت أنه إذا وقعت دولة واحدة في منطقة ما تحت تأثير الشيوعية، فإن الدول المجاورة ستقع مثلها وفقًا لتأثير الدومينو.
استطاع المخرج بيتر فاريلي، والمشهور عادة بالأعمال الكوميدية، أن يخرج هذه المرة فيلما حربيا قد يبدو ليس عميقا في مشاهده الحربية لكنك لن تمل منه لحظة، فقد أظهر لك الحرب من منظور الزائر المتطفل عليها وليس الجندي.
لن تغمض عينيك أو أذنيك عن كل كلمة تُقال، فاستطاع أيضا بكتابته للسيناريو أن يجذب انتباهك لكل مشهد في العمل فلن تشعر أن ساعتين قد مروا وأنت تشاهد الفيلم الأشبه بملحمة فكرية، استطاع شخص في حانة أن ينقل الصورة الحقيقة للحرب لأصدقائه وعائلته التي لم تصدق كلام الصحافة وقتها، وظنت أن الحرب في فيتنام للدفاع عن الوطن.
نجح زاك إيفرون بشخصية (تشيكي دونوهيو) في تجسيد الشاب السكير الكسول بجدارة، فيما كان راسل كرو مفاجأة الفيلم بشخصية صحفي الحرب (كوتس)، وبيل موري بشخصية (الكولونيل) العسكري السابق، وروبي سركيس في شخصية (كريستين) شقيقة السكير (تشيكي).
كيف لشخص لا يستيقظ مبكرا، محل انتقاد دائم من والديه، ولم يحقق أي نجاحات في حياته الدراسية والعملية أن يجذب الانتباه له بهذه الفكرة المجنونة، حقا؟! ربما الأفكار المجنونة نتائجها أبعد مما كان يتخيل (تشيكي) الذي أراد أن يقابل أصدقائه في الحي وهم في ميدان المعركة في فيتنام، ليتفاجأ بما هو أهول من أن تنقله شاشات التلفاز وقتها، ليعود بأفكار جديدة، فيقول (دونوهيو) بعد عودته من فيتنام «سوف أقلل من الشرب الفترة القادمة وسأفكر أكثر»، نعم، هذا ما كان ينقص (تشيكي) وباقي الأمريكان وقتها هو التفكير في جدوى هذه الحرب وإرسال أبنائهم ليموتوا على أرض ليست لهم.
عاد (دونوهيو) من فيتنام في الرحلة التي استغرقت 4 أشهر للوصول إليها، محملا بمشاهد وصفها بـ«الإبادة الجماعية» وهذا ما سجله التاريخ فيما بعد، ولم تخجل السينما الأمريكية هذه المرة في أن تنتج فيلما عنه بكل تفاصيله المخزية للتاريخ الأمريكي في فيتنام.
*الفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية.. تمتع بمشاهدته.
التعليقات