فيلم (المتدرب) خرج خاوى الوفاض من جوائز مهرجان (كان)، إلا أنه على الجانب الآخر نالته دعوى قضائية أقامها ترامب، الشريط السينمائى تعرض لتفاصيل شخصية من المستحيل إثباتها، أو على الأقل صعب جدًا، دفعت مسؤول الحملة الإعلامية التى تؤيد ترامب أن تصفه بالخبيث وأنه مجرد (قمامة)، لأنه يتبنى ويرسخ الصورة الذهنية السلبية للرئيس الأمريكى السابق، بأنه يفعل أى شىء لتحقيق أغراضه، وأنه يمارس العنف فى علاقاته حتى مع زوجته.
بينما مخرج الفيلم على عباسى، إيرانى الأصل دنماركى الجنسية، وجه الدعوة لترامب لكى يشاهد الفيلم أولًا، مؤكدًا أنه على العكس ينحاز إليه متوقعًا أن ينال رضاه، ولأننى شاهدت الفيلم، فأنا أرى أن الشريط سلاح باتر ضد التجديد لترامب فى ولاية ثانية، كما أنه يقدم مشاهد تؤكد أنه انتهازى وأيضًا (سادى) فى علاقته الجنسية، مما يدعم موقف إحدى ممثلات الأفلام الإباحية التى أقامت مؤخرا دعوى قضائية ضده.
تذكرت على الفور كيف نقدم الأعمال الدرامية التى تتناول حياة عدد كبير من الشخصيات العامة، وأيضًا الرؤساء مثل جمال عبدالناصر وأنور السادات، والصعوبات التى تواجه أى كاتب عربى يريد أن يقدم حياة إحدى الشخصيات العامة.
يجرى حاليًا الاستعداد لتقديم فيلم عنوانه (الست) عن حياة أم كلثوم، تأليف أحمد مراد، وإخراج مروان حامد، كما أن المخرجة هالة خليل بدأت كتابة سيناريو لمسلسل يتناول حياة الموسيقار محمد عبدالوهاب.
عندما شرعت المخرجة إنعام محمد على قبل نحو 24 عامًا فى تصوير مسلسل (أم كلثوم) أقام ورثة (كوكب الشرق) دعوى قضائية طالبوا فيها بإيقاف عرضه، خوفًا من الاقتراب من حياتها الشخصية، وبعد الحلقات الخمس الأولى اكتشفنا أن فى الشارع العربى لا حديث يجرى سوى عن روعة المسلسل، وتغير موقف الورثة تمامًا، فأقام المهندس محمد الدسوقى حفل سحور رمضانى لفريق العمل.
كانت أم كلثوم حريصة على تسجيل حياتها، ولم تخش الحديث عن فقرها وكفاحها، شىء واحد رفضت البوح به، حياتها العاطفية، وهو بالفعل ما تجنبه الكاتب محفوظ عبدالرحمن فى السيناريو، كما أنه تجنب تمامًا الإشارة إلى أى موقف يحمل شيئًا من السلبية أو حتى من الممكن تفسيره على هذا النحو.
كثير من الفنانين قُدمت حياتهم بعد الرحيل فى أعمال درامية، وأقام الورثة دعاوى قضائية لإيقاف العرض، وطالبوا أيضًا بتعويض، والقائمة طويلة: ورثة الشيخ الشعراوى وعبدالحليم حافظ ونزار قبانى وأسمهان، بل صباح رغم أن مسلسل (الشحرورة) قُدم فى حياتها، وهى التى سجلت قصة حياتها، إلا أنها بعد بداية عرض المسلسل طالبت بإيقافه بحجة أنه يزور الحقيقة، نبيلة عبيد أعلنت قبل سنوات وصيتها بعدم تقديم حياتها فى أى عمل فنى، وكانت مديحة يسرى وهند رستم قد طالبتا بذلك فى حياتهما، بينما شادية أوقفت بالفعل تصوير مسلسل تناول حياتها، رُشحت دنيا سمير غانم لبطولته.
الراحل د. محمد عبدالوهاب، أستاذ الأشعة، وأرمل السيدة فاتن حمامة، رفض تمامًا فكرة تقديم حياة سيدة الشاشة فى مسلسل أو فيلم، أكد لى أنه لن يكتب مذكراتها، ولا حياته معها، واعتبر ذلك منطقة محرمة، رغم أنه عاش 40 عامًا زوجًا لها.
قبل ثلاثة أعوام أعلن محمد رمضان عن استعداده لتقديم حياة أحمد زكى فى مسلسل أطلق عليه (الإمبراطور)، وكان الكاتب وحيد حامد هو أول المرشحين لكتابة مسيرة أحمد باعتباره شاهد عيان على الكثير من التفاصيل، ولكنه اعتذر لحساسية الشخصية، وتم تكليف بشير الديك، ثم توقف المشروع، وأظنه لن يُفتح أبدًا هذا الملف مجددًا.
هل نملك الشجاعة لنروى كل شىء؟ السؤال الأهم: هل يتقبل الجمهور أن يرى ببساطة الشخصية العامة، رجل سياسة أو فنان، مجرد بشر يُخطئ ويُصيب، وهل يتوقف الورثة عن التهديد بإقامة دعاوى قضائية لمصادرة الأعمال الفنية؟!
التعليقات