"ما من آفة أخطر على المجتمع من تلك التي تصيب الإنسان في أنفه فتجعله عاليا عن الناس، لا يدعي العلم فقط بل يصدق أنه عالم وأن الجميع جهلة متخلفون."
ظهرت على الساحة الفنية في الآونة الأخيرة مواهب شابة كثيرة، منها الفنانة إلهام صفي الدين. خرجت بقوة أجبرت الجمهور على الالتفات إليها وإلى ما تقوله وما تفعله، فلم تسلك الطريق السهل الذي اختارته أغلب فنانات جيلها والذي يقتصر على تقديم أدوار الفتاة الأرستقراطية الجميلة، مع الاهتمام بزيادة المتابعين على صفحات السوشيال ميديا الخاصة، أي رغبة في النجومية وحب للشهرة، بلا أي شغف نحو المهنة التي يقبلن عليها.
خالفت إلهام صفي الدين المألوف، واختارت الطريق الأصعب الذي لا يروق عادة لأغلب الجمهور وهو مناقشة أجرأ القضايا بأجرأ طريقة، ولكنها رأت الجرأة هدف ومسعى وإن لم يكن لها مبرر.
لا تكمن المشكلة في الجرأة بل تكمن في فهمها بصورة خاطئة، فالجرأة وسيلة وليست غاية، كما أنها كوسيلة لا يقبلها إلا القليل إذا كانت حقا تخدم القضية التي تناقشها، ولكن ما هو سبب جرأة لا تنفع بل تضر في أغلب الأحيان.
هناك قضايا اجتماعية وأخلاقية ودينية، يساعد تقديمها في السينما والتليفزيون على إظهارها فحلها، مثل قضية أطفال الشوارع وقضية الزواج المبكر وغيرهما، فعندما ترى تلك المعاناة تتعاطف وتبدأ في التفكير في حل المشكلة وهناك من يفعل أكثر من هذا، ولكن هناك قضايا أسلم حل لها هو تجاهلها، كأن لا وجود لها لأن لإظهارها ضررا أكثر من النفع، مثل قضية الشذوذ الجنسي، وقضية إدمان الشباب للمخدرات، فظهور مثل هذه القضايا وتداولها على كل مرأى ومسمع يُعد دعوى صامتة للتجربة، فطالما لم يتم تحصين الأطفال والشباب بوعي كامل بالدين والأخلاق وفي ظل المعاناة من غيابهما مجتمعيا، تصبح تلك العادات مثل بقايا الطعام الملقى أرضا، والشباب هم الأطفال الزاحفة على الأرض التي تلتقط كل شيء لتضعه في فمهم، ولا جدوى من إخبارهم بخطورة هذا الخطأ عليهم، فهم لا يزالون في مرحلة استكشاف العالم من وجهة نظرهم.
ولا يتوقف الأمر على القضايا الكبيرة فقط، بل ذهب الأمر إلى بعض السلوكيات الشاذة المحرمة دينيا، حيث تحلق الفتاة رأسها من الحزن والغضب، وتقول بعد أن تهدأ أنها ليست نادمة ولو عاد الزمن لفعلت هذا مرة ثانية بلا أية إشارة من الأب في لحظتها أو بعد عودة الفتاة إلى صوابها إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة." حيث يُعد هذا تمرد على قضاء الله وهو من ضعف الإيمان ومن سلوكيات الجاهلية، ومن الطبيعي إحساس فتاة في مثل عمرها بالرغبة في خوض تلك التجربة للتخفيف عن حزنها وهي لا تعلم بلعنتها.
كل قضية تبدأ بفكرة، فاسجنوها في عقولكم، واحموا أطفالكم وشبابكم، فلا يجب أن ننتظر في كل مرة وصول القضية لذروتها حتى نبدأ في ملاحظتها، لأن القضية مثل السرطان في انتشاره وخبثه، وصعوبة استئصاله كاملا من الجسد.
التعليقات