ببساطة وذكاء وخفة ظل وتلقائية، حقق المسلسل الكوميدى (أشغال شقة) كل هذا القدر من النجاح الجماهيرى، ليصبح هو ضحكة المصريين الأولى، السر من الممكن أن تجده فى صفة الطزاجة، كوميديا (بنار الفرن)، لم تعرف التعليب. الذكاء يبدأ فى اختيار العنوان، كلمة (شقة) المكان الذى تجرى فيه أغلب الأحداث، ومن الممكن أن تضع «ألفًا» بعد «الشين» لتعبر عن المعاناة التى تعيشها الشخصيات.
عدد كبير مما نراه من أعمال مصنفة تحت طائلة قانون الكوميديا نكتشف أنها من المحفوظات العامة، وليس بينها والكوميديا صفة قربى أو نسب، يتم استدعاؤها من (ديب فريزر) الدراما.
ما نطلق عليهم كتّاب كوميديا كثيرًا ما يعيدون تدوير تلك الأفكار المعلبة، بينما خالد وشقيقته شيرين دياب، يراهنان على الجديد، وخالد أيضا هو المخرج، وسبق له أن أخرج فيلم (طلق صناعى)، أفلامه التى شارك فى كتابتها كذلك مع شقيقه محمد دياب، تنطوى فى العادة على موقف سياسى، فى السنوات الأخيرة أصبح يقدم أعمالًا آمنة بعيدة عن أى طموح أو مشاغبة سياسية، ووجد ضالته بكوميديا تخرج بعيدًا عن الصندوق.
حتى عندما يقدم السيدة ضعيفة السمع، التى أدت دورها القديرة إنعام سالوسة، يمسك بذكاء بهذا الخيط، وهو ألا يتجاوز الخط الأحمر، حتى لا يصل للتنمر، إنها مجرد شعرة تحتاج لكى تتحقق إلى صياغة سيناريو وأداء ممثل وقدرة مخرج ليراهن على الضحكة الصافية، وهو ما توفر فى فريق عمل متكافئ يجيد اختيار لحظة البدء، واللحظة التى يوقف فيها الاسترسال.
البطل هشام ماجد طبيب شرعى، جزء كبير من حياته داخل المشرحة، ويحيل غرفة مكتبه إلى معمل صغير، متزوج من أسماء جلال، التى تؤدى دور مذيعة، يرزقان بتوأم، الشخصية المتغيرة هى الشغالة، ومنها تنطلق الحكاية بلمحة جديدة، دائما هناك تغير مع كل شغالة جديدة وموقف مختلف، تتعدد الشخصيات، مثل صابرين وريم خورى وانتصار وإيمان السيد.
لدينا ممثل يتمتع بخفة ظل وحضور، ولكنه فى الأساس ممثل، أتحدث عن هشام ماجد، منذ بدايته مع رفيقيه شيكو وأحمد فهمى وهو يمثل الدور، ولا يدخل فى سباق للضحك أو سرقة نكتة.
الإطار العام يقع فى إطار كوميديا (الفارس)، أى أن الموقف يبدأ فى اللعب عليه واستحلابه لأقصى درجة، ويدرك (دياب ككاتب ومخرج) متى يتوقف حتى لا يصل إلى مرحلة التشبع.
تسكين الأدوار بذكاء، مثل شيرين ومحمد عبد العظيم وسلوى محمد على، وأتوقف كثيرًا مع مصطفى غريب الكوميديان الهادئ، لن تجده يبحث عن (إيفيه) أو لزمة صوتية أو حركية، حضوره فى تلقائيته، به شىء يفتح نفس المشاهد للابتسام، وتلك منحة لا يمكن لأحد أن يكتسبها، أسماء جلال تمتلك مواصفات النجمة، تحركت فى مساحات درامية محسوبة بدقة فأثارت الضحك.
لم أراهن من قبل على هشام كنجم شباك قادم فى السينما أو نجم تسويق فى الدراما التليفزيونية، ولكن فى أكثر من عمل أثبت لى أنه مثل السلحفاة يأتى من الخلف ببطء، إلا أنه قادر على تخطى الصفوف.
ليس كوميديان الحالة الذى يوظف جسده أو طريقة نطقه فى إطلاق الضحك، فقط يؤدى الدور، ولأنه شارك بالتأليف فى العديد من الأعمال الدرامية، فهو يدرك حرفة الكتابة القادرة على تحقيق الضحكة بأقل تكلفة.
تحية لعمل فنى سيغادرنا فى النصف الثانى من رمضان، رغم أن الموقف الدرامى يصلح أن يمتد 30 حلقة، آثر أن يترك فى عيون وقلوب جمهوره مساحة لا تنفد من الفرحة والبهجة.
التعليقات