انتشر على مواقع السوشيال ميديا خلال الأيام القليلة السابقة، مقطع فيديو لشاب يسأل مواطنة أوكرانية عن رأيها في القضية الفلسطينية القائمة حاليا، ولأي جهة تقدم الدعم وتتمنى لها النصر في الحرب، وكان ردها: "من المعروف مَن أؤيد، فأنا أوكرانية، وروسيا تدعم فلسطين، لذلك نحن ندعم إسرائيل"، فقال الشاب: "ولكن يجب أن يكون الأمر على العكس ففلسطين تمر بما مررتم به من ظلم واضح وانتهاك حقوق"، ليأتي ردها قائلة: "ولكن فلسطين هي من بدأت بالعنف في الحرب الجارية الآن، وقبل مناوشاتها كان الوضع مستقرا."
ولم يستطع رأيها أن يلفت النظر مثلما فعلت طريقة تفكيرها، وأسلوبها في اختيار العدو، فهي بكل وضوح اعترفت باقتناعها أنه من المنطقي جعل صديق العدو عدوا، دون الانتباه إلى كون هذا انقياد في حد ذاته، مثل الأب الذي يأمر ابنه بنقيض ما يريد، لأنه يعلم أن الطفل بعنده سيفعل العكس، فيظن الطفل أنه خالف والده، وهو لا ينفذ سوى خطط والده.
إن اختيار العدو لا يقل في الصعوبة عن اختيار الحبيب، فلا فرق بين الحب والعداوة، فكلاهما كلما قويت أسبابهما، ضمنت قيامهما على الصدق والاستمرارية. نعم لكليهما أسباب فلا يأتيان فجأة من العدم مثلما نظن، فالحب يبدأ بالميل العاطفي ويكتمل بالاقتناع العقلي والاطمئنان الروحي في وجود الطرف الآخر، وهنا يصبح الإعجاب حبا.
فإذا أردت اليقين في عداواتك وضمان الاستمرارية، يجب أن تختارهم بعناية، حتى لا تكتشف بعد زوال الحماس أنك لم تكرههم قط، وأنه كان مجرد اندفاع لحظي، فعدوك هو من يكرهك ويتمنى لك كل شر، هو من لا يطيق سماع الخير عنك أو قريبا منك، والعداوة لا تكون مع الأشخاص فقط، فيمكن أن تعادي فعلا، تعادي القسوة أو الظلم أو القتل أو انتهاك الحقوق والحرمات، ويمكنك اختيار مرتكب هذه الأفعال كعدو لك.
التعليقات