نقاء السريرة أو ما يعبر عنه بلغة بسيطة "ماكان من القلب يصل إلى القلب."
أن تخالق الناس بخلق حسن لهو أمر محمود بل إن أثقل ما في ميزان العبد حسن الخلق.
لكن ما قيمة أن تقابل الناس بوجه طلق و تلقاهم هاشا باشا بل وتقضي حوائجهم ولكنك تضمر الكراهية لهم و تتمنى زوال النعمة عنهم ويمتلئ قلبك بالأحقاد لخير يصبهم بل و تطعن فيهم من خلفهم ولا تذكرهم إلا بالشر. وما فعلت ما فعلت لهم إلا هربا من انتقاد او سعيا وراء مصلحة او سمعة.
أن تظهر الخير و تضمر الشر لهو النفاق المذموم بعينه الذي يورد صاحبه المهالك.
لكن أن تسلم من قسوة القلب و تطهره من أدران البغض وتصحح عملك بالإخلاص والحب هو ما يرتقي بالنفوس و يسمو بها ويحلق بعيدا في سماء المحبة والود.
ألم تقرأ " إنما الأعمال بالنيات " ؟ صلاحا و قبولا.
فما جدوى عمل فاسد غير مقبول إلا جهد ضائع كالهباء المنثور.
إن كثرة ما نشاهده من الخلافات والصراعات التي قد تصل لحد الجرائم والحروب إنما مبعثها من قلب مريض لم يتصالح أولا مع نفسه. مبعثها من نفس غافلة لم تهتم لتربية وإصلاح تلك المضغة النابضة التي إن صلحت صلح الجسد كله.
كثيرا ما كنت أتساءل ويملؤني العجب و الحيرة : " كيف يحيا الانسان بشخصيتين متناقضين يظهر إحداهما و يبطن الأخرى ؟ كيف يصبح الجسد قناعا زائفا يخفي تحته كل هذا القبح؟ كيف يتعايش هؤلاء المنافقون مع أنفسهم أولًا قبل الآخرين؟ لينطلقوا في زحام الحياة و يخالطون الناس وليس نصب أعينهم إلا المصالح الشخصية الضيقة مع انهم لو وعوا جيدا مغزى الصالح العام لعلموا انه حتما سيعود علينا جميعا بما هو صالح لنا كأفراد.
كيف يتحمل البعض أن يتدثر بهذا الدثار القميء من التسلق و التملق و المحاباة بل و أحيانا المناوأة والرفض لكن ليس عن قناعة إنما تحكمه في ذلك المصلحة.
ألا يستطيع كل منا كما يربي ثروته و أولاده او حتى لحيته أو أظافره أن يربي قلبه ؟ أن ينشئه تنشئة صالحة. أن ينفض عنه غبار الأحقاد و ينقيه من الخَبَث ليظهر أجمل ما أودعه الله فيه من حب و مودة و طيبة.
وأنا الآن أتوجه إلى كل منا بسؤال..
هل اختبرت يوما لذة العيش بضمير حي، بقلب سليم بسريرة نقية ؟ إن لم تكن قد فعلت فقد فوت على نفسك خيرا كبيرا وشعورا سماويا جميلا. لذا أدعوك أن تبادر اليوم قبل الغد. الآن. لتعيش هذه التجربة.
أن تتذوق السعادة و راحة البال مهما كان العالم من حولك يموج بالملوثات.
أعدك وعن تجربة أنك إن فعلت ستزيح عن روحك ما يثقلها من متاعب وإحباطات. سيكون السمو الروحي والرقي النفسي ديدنا لك تفعله دون أدنى مجهود أو مجاهدة. ستكون أفعالك الجميلة لا إرادية لا عناء فيها لأنها ستكون نتاجا لكل ما بداخلك من جمال فكل إناء انما ينضح بما فيه فنقاء-السريرة لا يفرز إلا حسن الطبع وحسن التصرف.
التعليقات