الانتصار بالقاضية أم بالنقاط!

الانتصار بالقاضية أم بالنقاط!

عبدالمحسن سلامة

تُصر الولايات المتحدة الأمريكية على مساندة إسرائيل بالحق والباطل، والسير عكس الاتجاه دائما، وهو ما حدث فى تعليقها على قرارات محكمة العدل الدولية.

المحكمة قبلت الدعوى، ورفضت الدعاوى الإسرائيلية بعدم قبولها، وذلك هو الانتصار الأول، لأن هذا يعنى، ببساطة، قوة الأدلة التى تُدين إسرائيل بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، مما جعل رئيس الوزراء الإسرائيلى يصف ذلك بأنه «وصمة عار لن تُمحى».

الانتصار الثانى هو اتخاذ المحكمة العديد من القرارات الاحترازية لمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، حيث أكدت المحكمة أن الفلسطينيين تشملهم الحماية بموجب الاتفاقية، وأن ممارسات إسرائيل تسببت فى ضرر مادى وإنسانى جسيم لهم، ومنعتهم من ممارسة حقوقهم، وطالبت المحكمة إسرائيل باتخاذ إجراءات فورية لتمكين نفاذ المساعدات الإنسانية، والتأكد من عدم ارتكاب القوات الإسرائيلية أعمال الإبادة الجماعية.

وطالبت المحكمة أيضا إسرائيل بتقديم تقرير فى غضون شهر بالجهود التى اتخذتها لتنفيذ قراراتها.

ربما تكون الطموحات أعلى من تلك القرارات الاحترازية، حيث كان أحرار العالم يأملون أن تأخذ المحكمة قرارا فوريا بوقف إطلاق النار حتى لو لم تنفذه إسرائيل، لكن ما حدث، فى كل الأحوال، هو انتصار وإن كان انتصارا بالنقاط وليس الضربة القاضية التى كان المجتمع الدولى يأملها لوقف العدوان الإسرائيلى الغاشم.

الانتصار الثالث فى محكمة العدل الدولية هو تلطيخ سمعة كل الدول التى تساند إسرائيل فى حربها ضد غزة، على اعتبار أنها شريكة لها فى جريمة الإبادة الجماعية طبقا لنص اتفاقية منع الإبادة التى تؤكد أن الشريك المتضامن مع المتهم فى جريمة الإبادة يعتبر متهما بالإبادة مثل الفاعل الأصلى.

أعتقد أن وصمة الإدانة هى التى جعلت أمريكا تتحرك على الفور، وترفض قرارات المحكمة، وتؤكد مساندتها استمرار الحرب فى غزة وعدم وقف القتال رغم قرار المحكمة.

فى كل الأحوال فإن قرار المحكمة انتصار تاريخى لمصلحة القضية الفلسطينية، والمؤكد أنه سوف تكون له تبعاته، وآثاره خلال الفترة القليلة المقبلة فى محاصرة إسرائيل إقليميا، ودوليا أو حتى من خلال تحرك المجتمع الأمريكى ضد إدارة بايدن كما يحدث الآن من عدد كبير من النواب الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ، أو من المنظمات الإنسانية والحقوقية.

ميزة قرارات المحكمة أنها صدرت بأغلبية ساحقة (15 ضد 2)، لكن الغريب فى الأمر أن الصوت الثانى، غير إسرائيل، كان صوت القاضى الأوغندى، وهو ما يعتبر علامة استفهام تستحق المناقشة!

نقلا عن جريدة الأهرام

التعليقات