ها هو ديسمبر يلملم ما تبقى منه ومني ليغادر . ليعلن انتهاء عام عجائبي. .. عام مختلف عن كل الأعوام السابقة. عام لم يكن له مثيل فيما سبق من أعوام عمري. .. عام اجبرني أن أعيش أيامه يوما تلو اليوم ألاحظ كل ما فيه من ثوان . عام لم يترك لي ولا للحظة أن ألتقط أنفاسي لأعبره دون أن ادركها .. عام غريب يتركني على أبواب نهايته أتساءل إن كانت غرابته في قساوته ، أم في حسنه ، أم في شيء آخر لم استوعبه بعد..
عام حصدت فيه ثمار تعب العمر ..وفقدت فيه أغلى ما في الحياة ..عام صعدت فيه للسماء مرات، وخسفت بي الأرض مرات ومرات ..عشت فيه كل مشاعر الفرح والانكسار ..القلق والخوف مع منتهى الأمان . .وكأن أقدار الخالق تعادل أحداثها لأبقى صامده . فاللهم لك الحمد على كل العطاء، وعلى كل المنع.. اللهم لك الحمد على سقوط، وكل ارتفاع..
سجل هذا العام بداخلي من التناقضات ما يصيب بالهوس ..فغير في ذاتي كثيراً، تخليت عن كثير من أفكاري . كيف لا والعقل ينضج، والعمر يتقدم، والحقائق تتبدل، والبشر يظهرون على حقيقتهم، ونظرتي للأمور تختلف، واستيعابي يتسع، . كيف لا والألم يغير، والصدف تغير، والمواقف تغير، والدموع تغير، والحزن أيضاً يغير، ويغير، اللامبالاة تغير، الإهمال يغير، الهموم تغير... كل شيء يشارك، ويسعى لتغيري ، ليجني عليَّ ما لا أريد أن أكون ..
ولكني ما زلت أرى شيئا جيدا.. أنا الآن أكتب، وأنا منتصف سلم عقدي الخامس، سعيدة لأن قدمي قد لمست هذا السلم وما زلت صامده ، وخائفة لجهلي بطول السلم، فيتصارع بداخلي أغرب المشاعر ..ولا أدري أيهما سينتصر ..
وهذا هو يناير يلحق بأبواب العمر. رائحته تختلط برائحة البدايات . رائحة المطر ..رائحة نسمات الشتاء الهادئة.، ليحملوا الشعور بأن مرحلة من العمر توشك على الانتهاء، وهو الأمل بأن الأمور ستتغير معه.. عام جديد سيأتي لنعلم ما يخبئه لنا من أقدار..فجعله الله خيراً، وحقق لنا جميع ما نتمناه. يا رب نسألك أياماً جميلة قادمة، ولا تغير علينا الحال إلا لأحسنه، وارزقنا السعادة الدائمة لقلوبنا، ويسر أمورنا، واجعل القادم أحسن. اللهم آمين.
التعليقات