تُحدثنا الأم (مصر) بلغة بسيطة تعبر عن بعض مشاعرها، تحدثنا عن ابنها البطل الرقيب محمد حسين محمود سعد أول شهيد في حرب أكتوبر 73 المجيدة. تقول:
في سنة 1946 كان ميلاد ابني محمد حسين .. في قرية سنديون .. مركز طوخ بمحافظة القليوبية، كانت دراسته في معهد قويسنا الديني، وبعدها حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة الزقازيق. وكان دايما يضحك مع أخوه .. ابني برضه .. عبدالحميد حسين. وهو واحد من رجال القوات المسلحة جندي من قوات المدرعات اللى حارب في معركة جبل لبنى سنة 67 ضد فرقة مدرعة ومشاة ميكانيكية إسرائيلية .. وكانت بطولة بتدرسها الأكاديميات العسكرية العالمية .. وكان محمد يضحك مع أخوه ويقول له: هابقى زيك يا عبد الحميد.. وهالبس البدلة الميري .. وأحارب في معركة كبيرة برضه.
وخلص دراسته في كلية الزراعة والتحق بالجيش .. يقضي سنة الخدمة العسكرية سنة 68، وكانت مهامه في الجيش : جندي استطلاع، وطبعا دا كان في توقيت حرب الاستنزاف. خلص سنة الجيش وطلع .. اتعين باحث اجتماعي في الوحدة الاجتماعية بمدينة طوخ. وبعد كام سنة وحرب الاستنزاف شغاله.. كان بيتم استدعاؤه في الجيش .. يقضي مهمات كام يوم ويرجع .. وفى كلمني محمد عن بنت .. مُدرسة كانت بتشتغل مُدرسة في مدرسة طوخ الإعدادية.. كنت طايره م الفرحة لفرحته .. وحددنا ميعاد الفرح في نص شعبان.. واتجوزوا يا حبايبي وكان فرحهم جميل.. وبعد 15 يوم من الجواز وصل جواب استدعا لمحمد.. جهز شنطته وساب عروسته وجاني يقولي: ادعي لي يا أمي .. أنا رايح الجيش.، قولت له: روح يا ابني .. سافر في أمان الله..
وبعد كام يوم .. ومع أول رمضان .. لقينا محمد داخل علينا البيت.. أهلا يا محمد يا حبيبي.. خير؟ قالي: أبدا يا أمي.. نزلونا النهاردة كام ساعة وراجعين تاني.. قولت أسلم عليكم وأفطر معاكم النهارده.
وسافر تاني في نفس اليوم .. ودي كانت آخر مرة أشوفه فيها .. عشت كتير، عشت 104 سنة .. كنت بأتألم بعده زي كل أم فقدت ابنها، لكن قلبي كان فرحان بإنه شهيد .. مش بس شهيد.. دا هو أول شهيد في حرب الكرامة.. بعد ما زارنا وسافر في نفس اليوم قعد أربع أيام على الضفة الغربية لقناة السويس لغاية ما صدرت أوامر العبور، وكان من أوائل اللى عبروا القناة مع قوات الجيش التالت الميداني وبيحطموا أسطورة أنابيب النابلم وخط بارليف.
وعرف عبدالحميد أخوه خبر استشهاده وقالي: عرفت الخبر واستلمت جواب بيقول إن محمد أخويا هو أول من استشهد أثناء عبوره القناة، كان فيه لغم ضرب في المدرعة التي كان راكبها محمد، وانقلبت به في مية القناة مع زملائه، واستشهد محمد أخويا في لحظتها، وصديقه نجا وقدر يطلع، لكن في أثناء ذهابه إلى الكتيبة تم استهدافه من قبل العدو واستشهد هو كمان.. ساعتها زاد حماسي ورغبتي في الانتقام من العدو الصهيوني، فطلبت من قائدي في الكتيبة أجازة لحضور جنازته وأخبرت الأسرة باللى حصل، وخيم الحزن على أسرتنا وعلى كل أهالي القرية.
وقتها تم دفن محمد في الإسماعيلية بملابسه العسكرية، فالشهيد لا يغسل، وبعدها بـ14 شهر، اتقدم عبدالحميد بطلب لنقل جثمان محمد من مقابر الإسماعيلية إلى مقابر سنديون التابعة لمركز قليوب بمحافظة القليوبية، عشان يكون قريب مني .. أقدر أزوره وأقراله الفاتحه. وبالفعل: وافقوا ونقلوا جثمانه بعد مرور 14 شهر.. وتخيلوا .. الجسد كان زي ما هو.. ما كانشي رفات وبقايا .. ولما وصل الجثمان القرية.. خرج كل الأهالي منها ومن القرى المجاورة .. عشرات الآلاف بيهتفوا باسم ابني البطل .. بيهتفوا ويقولوا :البطل هو البطل. ما كانشي فيه مكان من كتر الزحمة .. وفجأة لقينا نفسنا كلنا فرحانين وكإننا شايفين ابني الشهيد في الجنة .. وأصوات الهتاف عليت قوي.. وشاركتها الزغاريد وكإننا بنزف عريس.
وزادت فرحتي وسعادتي لما بقيت أقرا اسم ابني البطل الشهيد محمد حسين محمود سعد مكتوب على أسماء الشوارع الرئيسية في سنديون وكمان غيروا اسم مدرسة وبقت باسمه، والسيد محافظة القليوبية كلف الوحدة المحلية بتجميل مقبرته .. وجه المحافظ زارها في يوم 6 أكتوبر وقدم له وإحنا معاه وكل الأهالي التحية .. والدعاء .. له ولكل شهيد ضحى بنفسه عشان يا مصر.
التعليقات