لنعرف ماذا تقول ونكتشف أسرارها وكيف تبوح الرواية بأسرارها مثل الأرض الطيبة التى تبوح بكنوزها ..
بداية من الإهداء يبدأ الشدو
إذ تقول فى إهداءها :
إلى ابتسامتك التى تشرق فى وجهي كل صباح وتستمد منها كلماتي طاقة النور والأمل
إليك يا أبي يا سيد الكلمات
حيث أنت الأن .
ثم يبدأ الشدو بتمهيد هو الأهم فى الرواية لأن كل ما بعد يعتمد على كل ما قبل ويعود إليه فتقدم لنا الكاتبة مشهدا بسيطا حيث يدخل الأب
"عجيب" وهذا اسمه حجرة ابنته ويقرأ من أخر صفحة فى مذكرات ابنته الشخصية :
للعشق وللحب معجزات وفى انتظار تلبية النداء واللقاء
حكايات لكنها حكايات كلها همس.
ينزعج الأب ويهتف فى دهشة
يانهار أصفر ، يا نهار أزرق
البنت خلاص فجرت ..الخ
فينادى زوجته "ليالي":
أنت يا ست هانم تعالي بسرعة
ليالي : يا ستار يارب
عجيب : إقرأي واعرفي بنتك بتعمل وتفكر فين ؟
تهديء من روعه وتطمئنه قائلة : روح ؟ قمر البيت ؟
الذكاء والنباهة ، إهدأ لنفهم لمن كتبت كلام العشق والحب؟
لكن أنا عارفها عاقلة ومحافظة على نفسها و مذكراتها الشخصية هي حرة تكتب فيها وتكلم الورق ، حرام نكبت البنت يا عجيب ونفتش فى أوراقها ..
عجيب : يا هانم تابعي ابنتك
ودوري على الحكايات وافهمي.
ليالي : نام وارتاح وان شاء الله أعرف كل حاجة..
مشهد بسيط اعتمد على الحوار باللغة العامية البسيطة لكن قدم لنا الأب والأم فى صورة بسيطة وقدم لنا شخصية البطلة "روح" وبعض من صفاتها بالذكاء والطيبة والجمال الداخلى قبل الخارجي وقدمها لنا ككاتبة تكتب مذكراتها وتكلم الورق لكنها قدمت جملة مهمة جدا فى الرواية والتى سيعتمد عليها كل شيء بعد ذلك هذه الجملة:
للعشق والحب معجزات وفى انتظار تلبية النداء واللقاء.
لم تنم الأم ليالي فقد فتحت الدرج الثاني من مكتب ابنتها وقرأت كل ما يسبق الصفحة الأخيرة :
وقبل يديها لكنها ما كانت إلا قبلة فى القلب ، قبلة قبلتها الحب البعيد.
واستمرت فى القراءة عن الحب العذري وأنواعه ومشاعر الحبيب حتى وصلت
للجملة المهمة التى تشوقنا إليها الكاتبة دون أن تنبهنا إلى أهمية تلك الجملة فهناك كما كتبت هناك جملا تعتبر مفاتيحا
للرواية وتعتمد عليها الأحداث فيما بعد ، كانت تلك الجملة :
ويتردد بأذنيها صوت آت من بعيد : من هو الذي يأتيني من بعيد ، وما هذه الرمال ؟
وأين أنا ؟
وهذا ما سوف يظهر عندما تبوح الرواية وسطورها بأسرارها.
ويبدأ الفصل الأول بعنوان "ن" ونعرف سر هذا الحرف
من خلال الوصف وظهور الشخصية الأولى فى حياة "روح" وهو " كميل" والذى كانت روح هي أيضا "كميلة"
ففى وصف بلاغي وتشبيهات بلاغية نقرأ:
ن...ن...ن...تسحب الصمت من الكلام والسكون.
إما أنت العين وأنا النون
أو أنا العين وأنت النون
أو كلانا كليهما
يا عين النون ونون العين.
إحملى يا عين تلك الكلمات
بين الجفون والمقلات
وتدبير الله آت ؟!
وتستمر " ليالي " تقرأ بدموع عينيها مذكرات روح حتى تفاجئنا بدعوتها على من كسر
خاطر روح "كميل"
فتقول : منك لله.
كسرت قلبها ، تحملت الكثير ياروح.
هنا نبدأ نعرف انكسارات قلب روح وخداع كميل الذى خدعها باسم الحب لكنه كان صيادا للنساء ، أنقذ الله روح من براثنه وكشفه لها لكن يظل بالقلب انكسارا بعد إنكسار
كما نرى فى مذكرات روح التى تقرأها أمها " ليالي"
فقد كان إنكسارها الأول قويا
عندما وقعت فى الحب العذري
وتمت خطبتها من "مهاب" لكن القدر باغتها ورحل إلى العالم الآخر ...
وهذا ما ظهر فى الفصول التالية التى تمنيت أن أكتب كل سطورها وبلاغتها وفلسفتها عن الموت والحياة ولنأخذ بعض الجمل من فصل انقطاع الحبل السري للذكريات :
أيتها العظام من انت ؟ أيتها الرفات ، ايتها العظام أجيبي.
من أي جنس كنت ؟
من أي دولة أنت ؟
وأي مكان سكنت ولماذا جئت؟
وبأي ديانة آمنت؟
ولأي مذهب اتبعت؟
ولأي عظمة انتميت؟
انطقي أيتها العظام ..
وبحق ربك أجيبي.
قد نستطيع التوقف أمام مشهد مهم من مشاهد الأحداث والإنكسارات فى حياة روح
ذلك المشهد عندما اكتشفت روح حقيقة كميل وقررت فسخ خطوبتها وألقت بدبلة خطوبتها
أو محبسها كما صورت أسرها بذلك المحبس وقالت فى نفسها :
لو علمت أمي لأصابها المرض
سأفسخ خطوبتي
السبب : إنه لا يصلي؟!
ولا يحب الصلاة ؟!
طبعا ليالي حبيبتي ستوافق طالما لا يحب الصلاة.
إذا شئنا وتحدثنا عن التدين الفطري لا التدين المتعصب لسوف يكون فى ذلك المشهد الذي تعمدت كتابته والحديث عنه.
*&*
وننتقل من هذا المشهد الذي جاء بالفصل الذي عنوانه
إنفجار فصي الصندوق الأسود
وفى الصفحة رقم ٤٣
نتوقف أمام المشهد الأول الذي سيغير من أحداث الرواية وذلك المشهد هو الذي سيقلب الأحداث ويغيرها وينقلها إلى طريق آخر تمشي فيه كثيرا
ليمهد للمشهد الأخير الذي تؤدي كل الأحداث والأحلام والرؤي إليه فكان ذلك المشهد هو
ماستر سين بلغة السينما والسيناريو وهو عقدة النص وهو الذي يمهد للأحداث الأخيرة والإنفراجات الأخيرة.
لنرى ونشاهد ونقرأ المشهد:
انهارت ليالي فى البكاء مرة أخرى واحتضنت الأوراق
وكأنها تحتضن روح ....
وفجأة سمعت ليالي صراخا شديدا " زملوني ، زملوني"..
صاحت روح بأعلى صوتها
هرع كل من فى البيت نحو
حجرتها.
الجدة : روح حبيبتي مالك؟
خطيبك سابك ؟
ربنا يجعل لك نصيب مع أحسن منه ..
روح : أحبه أكثر من نفسي والله.
الجدة : حاولي تنسي
روح : والله أحبه أكثر من نفسي ، رأيته فى المنام ،
نور ، بدر البدور ، زملوني
زملوني ومن زمزم إرووني؟!
الجدة : خطيبك الأسود الأقرع
بقى بدر البدور ؟! البنت فى غيبوبة والا اتهبلت ؟
روح : لا يا حجوجة،خطيبي مين ؟
أنا حلمت بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، الحمساء، مكة بكة، أم القرى ، القرية ، البلد ، الحرم الأمين ، طوبى للغرباء!
الجدة : اللهم صل على كامل النور ، طبعا كده بدر البدور.
ينتهي المشهد الذي يفسر ويشرح نفسه ، إنه مشهد الرؤيا
لرسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والذي ستترتب عليه وتعتمد كل أحداث الرواية وفصولها القادمة.
*&*
بصمة القلب
تمضي عشر سنوات وكل يوم من أيامها تتعلق روح بالكعبة
ويتعلق قلبها وتتعلق روحها بمكة والمدينة وتعيش الحلم والرؤيا حتى يأت اليوم وتستيقظ على صوت موسيقى ورسالة على هاتفها فتصيح ويهرعون إليها ، يسود الصمت حتى تقطعه قائلة : يالا يا تيتة غني معايا : يا رايحين للنبي الغالي ، غنتها ليلى مراد!
إنها هدية عيد ميلادي ، وصلت الهدية ، يالا زغرتوا ..
فقد جاء اسم روح ضمن كشوف حج القرعة وفازت بالحج وبدأت تحضر الأوراق والكشف الطبي ومنها بصمة العين لكن روح تقول :
والله راح يشوفوا بعيوني بصمة القلب.
وتمضى الأحداث بدء من الصفحة رقم 55 بالفصل الثاني والتى تحمل عنوان :
فى مسيرة العشاق
وتبدأ الكاتبة فى سرد تفاصيل التفاصيل وكل شيء عن رحلة الحج منذ أن تجهز روح اوراقها وتشتري احتياجاتها من ملابس وأدوية وكل شيء ينصحونها به لتأخذه معها ،
وتصف مشاعرها وهى فى الطائرة وعند الوصول لمطار جدة والذهاب منها إلى مكة
ثم لحظة رؤيتها للكعبة والطواف حولها والأدعية التى ترددها ثم سعيها بين الصفا والمروة واستحضارها قصة هاجر أم إسماعيل عندما تركها نبي الله إبراهيم وسعيها وهرولتها بين جبلي الصفا والمروة للبحث عن الماء ، فتعثر على عين زمزم ،
ثم الذهاب والوقوف بجبل عرفة والصلاة بمسجد نمرة ..
كل هذه التفاصيل التى عاشتها روح لحظة بلحظة وكأن الكاتبة هي من عاشت تلك اللحظات فوصفتها بكل هذه الدقة والروعة والجمال.
وقبل أن ننتقل إلى منطقة أخرى مهمة من الرواية والتى تمثل نقطة التحول الكبرى
نتوقف عند شدو روح وغنائها ويردد ورائها حجاج القاهرة على جبل الرحمة كما جاء
فى الصفحة رقم 149:
على جبل الرحمة
الحج أحلى فرحة
غني يا مهجة ويا رجاء
هنا جبل الدعاء
هنا موقف المرسلين
والأنبياء
*&*
روح تلتقي مع لارين ؟
هناك لارين أخرى
وهي التى أفصحت عنها روح وأفصحت عنها كاتبتنا المبدعة فى الرواية عندما قابلت روح خمس فتيات جميلات
لمار ، سدين ، راما ، ريتاج
و لارين .
وكن يقرأن القرءان بصوت ملائكي ..
والكل يسري حول لا رين التى تحمل مفاتيح كل شخصية منهن
واتفقن جميعا على أداء عمرة
من مسجد التنعيم.
وعندما ذهبن إلى جبل النور
تشدو لارين :
من منا صعد جبل النور
ومن طاف بالبيت المعمور
ومن منا صلى على الرسول
ومثلما بدأت روح بطواف القدوم تودع مكة بطواف الوداع.
*&*
إختفاء روح وبداية النهاية؟؟
تنجه روح ولارين فى صحبة
صديقتهن إلى المدينة وعند الإقتراب منها
تقول لارين :
أخيرا سنرى المدينة ..
تستحضر روح مشهد الهجرة وكم عانى الرسول كل هذا الطريق الوعر بين الصحراء والجبال فى أجواء قاسية
وتشرح للمار ما حدث فى الهجرة وأحداثها كاملة حتى وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
ووصل الحجاج إلى الفندق بالمدينة لكن روح لم تصل.. واختفت روح ؟!
فقد ذهبت إلى المسجد النبوي
لترى القبة الخضراء والروضة الشريفة وكانت تردد :
ما بين منزلي وروضتي روضة من رياض الجنة ، أسعد يا رب قلبي بزيارة شفيعي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبعد أن تزور الروضة وتلقى النظرة على البقيع تتمنى أن ترى جبل أحد وتتذكر قول النبي ( أحد بحبنا ونحبه).
وأخذت تمشي فى المدينة وتجوب شوارعها وتبحث أول شيء عن أحد.
شيء ما يشدها بقوة إلى أين
لا تدري ؟
المسافة خمسة كيلو مترات إلى أحد وأخذت تمشي وتتذكر ما حدث لشهداء أحد وتسترجع مشهد استشهاد حمزة عم النبي
وكل أحداث أحد ، وانجذبت روح فى جمال المكان وصارت تسير وتسير حتى وجدت نفسها فى صحراء من جميع الجهات.
التعليقات