تتشابك مصائر البشر وتتوالى أيامهم متصلة ببعضها البعض. ربما يمر يوم بمعزل عن شخص لكنه حتما ليس بمعزل عن آخر فلابد وأن يحدث شيئا يربطه بمن حوله شاء أم أبى. ما يدور في حياتنا اليومية من أحداث أو قرارات أو أفعال تربطنا بالآخر رغما عنا بصورة مباشرة أو غير مباشرة. عندما نتخذ قرارا فهو أما وليد ارتباط بشخص آخر أو ستحل عواقبه على غيرنا.
نعيش نحن البشر في منظومة متشابكة. تعترض المشاكل طريقنا، نتعثر فنحاول أولا القيام بمفردنا نعجز فلا نملك إلا طلب المساعدة. هناك دوما من بيننا من هو أهل للنجدة وجدير بالثقة. يمد يده للعون ويقيل العثرة. عند الأزمات نتكاتف سويا لحلها وعند الضيق لا نجد إلا أن نساعد غيرنا.
تدور الدوائر ويتعثر من كان يوما قائما. تغلبه الدنيا وهمومها ويشتد عليه الضغط فيطرحه أرضا. ينظر ذات اليمين وذات الشمال ولا يجد العون. يستصرخ من ساعدهم يوما لكن لا مجيب. كما سقطت عليك انتشال نفسك. مهلا! أنا لا أستطيع وحدي. أحتاج إليكم كما احتجتم إلىّ. أين من ساندتهم يوما؟! ألم يلحظوا غيابي؟! ألا يعنيهم أمري؟!
لا نجدة ولا حياة لمن تنادي. مفترشا الأرض تفترسه مشاعر الإحباط والحزن وخيبة الأمل يردد: لقد خذلني الذي كنت له يوما ملء السمع والبصر. اليوم أحتاج للعون فلا يهتم وأغيب فلا يكترث. يرى دموعي فيشيح بوجهه هربا.
تتصارع الأفكار في القلب الذي لا يعرف غير الشفقة والرحمة. عندما قدم الخير يوما لم يفعله أملا في مقابل لأنه ببساطة لم يكن يعلم أنه سيحتاج للعون يوما ولم يدرِ أنه سيقع في مأزق. لكنه الآن يستغيث لكن لا مجيب. سقطت الأقنعة. قضوا حاجتهم منك فلا قيمة لك اليوم. ليسوا بحاجة لك فلن يبحثوا عنك ولن يفتقدوا غيابك. لا ربما هو ضعف إنساني استولى عليهم. هم يرون ما تمر به لكنهم قليلو الحيلة لا يملكون من أمرهم شيئا. لا يستطيعون نصرتك. لو كانوا يملكون الوسيلة لكان من الأولى لهم مساعدة أنفسهم سابقا. الناس ليسوا سواء. التمس لهم عذر الضعف، أو الخوف، أو الجهل. ينفض عن رأسه الأعذار المختلقة. تطل عليه الأفكار الأخرى: لو كنت تعني لهم شيئا حقا لكانوا فعلوا كذا وكذا. ليسوا بأصدقاء حقيقين بل هم زائفون فالصديق وقت الضيق. هم منافقون أنانيون كشفت لك الحياة حقيقتهم.
بين اختلاق أعذار لتطبيب النفس والخاطر وحسرة ملحة لاذعة المذاق تتجاذبه أفكار الخير والشر وسوء الظن وحسنه. تبقى الحقيقة لا شك فيها وهي أنه وقت الحاجة لم يجد سندا ولا عونا. تعددت الأسباب والخذلان واحد. تعددت الأعذار والواقع واحد. يهيم السؤال بلا جواب: هل هو ضعف بشري أم سقوط للأقنعة؟!
التعليقات