"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها." صدق رسول الله (ص)، فإن لم يكن هو المنشود بهذا الحديث فهو ممن وُكلوا للحفاظ على ما تركه من سبقوه من أئمة وشيوخ.
الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، تدرج في العديد من المناصب سابقا كمفتي الديار المصرية ورئيس لجامعة الأزهر وعميد لكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان.
من الطبيعي أن يظن الكثير أن تأثير شيخ الأزهر ونطاق حكمه المرتبط بمدى سماع كلمته ممتد فقط لحدود البلد التي يقع فيها الأزهر الشريف أو بالكثير بضع دول مجاورة لها، ولكن في الحقيقة الأمر أكبر من هذا بكثير لأن نظرة العالم إلى الأزهر الشريف هي المعيار.
تم تأسيس الأزهر الشريف على يد المعز لدين الله الفاطمي في عام ٩٧٢ ميلاديا حيث يعد ثالث أقدم جامعة في العالم، تم تأسيسه في الأصل لنشر وتعليم المذهب الشيعي في مصر إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي شافعي المذهب والذي أراد نزع المذهب الشيعي المخالف لمذهبه من البلاد تمهيدا لتأسيس دولته الأيوبية فحرق دار الحكمة ومنع الصلاة في الجامع الأزهر لأكثر من مائة عام إلى أن عادت الصلاة والدراسة فيه وفقا إلى المذهب السني، ليصبح الأزهر الشريف إلى يومنا هذا هو منارة ومقصد للعديد من الطلاب المسلمين من جميع أنحاء العالم حيث يقبلون لتعلم تعاليم الدين الإسلامي والمذهب السني بأفرعه الأربعة.
ولم تخلُ مشيخة الأزهر يوما من العظماء فمر بها الإمام جاد الحق على جاد الحق والإمام محمد سيد طنطاوي والعديد من الشخصيات التي ذاع صيتها في العالم الإسلامي.
فهذا هو الأزهر الشريف وهذا هو شيخ الأزهر من يتم استقباله ومعاملته معاملة الملوك في جميع الدول الإسلامية لأنهم ينظرون إليه مثلما ينظر المسيحيون إلى بابا الفاتيكان في الاحترام والتقدير لا في التبرك والتقديس.
ظهر الإمام الأكبر أحمد الطيب أكثر وأكثر بسبب العديد من المواقف التي قام بها في الفترة الأخيرة دفاعا عن الدين؛ حيث رفض ما يعرف حاليا بالديانة الابراهيمية والمقصود منها دمج الديانات السماوية الثلاثة الإسلامية والمسيحية واليهودية في دين واحد يتبعه الجميع ليعيشوا معا في وفاق وسلام، رفض الإمام الأكبر أحمد الطيب هذه الدعوة مهاجما إياها بشتى الطرق مفسرا موقفه بأنه من المستحيل أن يتفق الناس جميعا على دين واحد وهذه هي الفطرة السليمة التي خلقنا الله عليها لذلك وضع لنا قواعد للتعامل مع الآخر حيث احترام دينه والسماح له بممارسة جميع شعائره الدينية وشتان الفرق بين احترام دين الآخر واعتناقه من أجل إرضائه وليس الحل الوحيد للسلام والوفاق بخلق دين جديد بلا لون ولا طعم ولا رائحة.
كما عبر عن رأيه في قضية تجديد الخطاب الديني وهنا لم يرفضها رفضا قاطعا بل أدلى بشروط؛ حيث أوضح "أن لا مجال للمساس بالتراث الديني ولا سبيل لإلغائه أو التعديل فيه لأنه متفق عليه حيث يتناسب مع القرآن والسنة النبوية."
مع وجود إتاحة دائمة لتغذية الدين بصورة مستمرة من قبل الباحثين الراغبين في إعطاء تفسيرات جديدة لآيات قرآنية وأحاديث نبوية وإذا تم قبولها حيث تتماشى مع المتعارف عليه من حدود وقواعد يتم التصديق عليها وضمها إلى القديم.
وبالنظر إلى شخصية الإمام الأكبر أحمد الطيب تجده متبعا في سيرته منهج الخلفاء الراشدين حيث بكثرة المناصب التي تقلدها وبحياته المليئة بالإنجازات يسكن في شقته الإيجار حيث يتبرع بأمواله زاهدا عنها راضيا بأن يمر بهذه الدنيا بدون امتلاك حتى منزل يسكنه آملا في الثواب ونعيم الآخرة.
التعليقات