التضحية سلاح ذو حدين .... يختلف وقعها بناء على من ضحيت من أجله .... هناك من يقدر التضحية وهناك من يطالبك بالمزيد .... والمشكلة ليست مع المستغل .... لأن فطرة أغلبنا مبينة على الاستغلال فكرة أن لا أحد سيفعل أكثر من واجبه فما دام فعل لك شيئا إذا فهو واجبه وإذا رفع يده عنك يوما لاتهمته بالتقصير .... المشكلة دائما وأبدا مع المضحى .... مع من تربي على التضحية .... مع من لا يرى مساوئ العالم وغدر الأحبة والأصدقاء .... مع من لا يزال يصدق أن العطاء أجمل من الأخذ .... هؤلاء الذين تشعر وكأنهم من كتبوا أغنية اشتروني للمطربة وردة .... طالبة الاهتمام ومهددة بالرحيل ولا ترحل ....
العطاء جميل إذا ضمنت الأخذ .... العطاء جميل عندما تعرف أنك ستأخذ مقابلا عنه .... هذا ليس بسوء ولا شر فهذه الحياة .... أنت تدفع مقابل خدمة وغيرك يدفع لك مقابل خدمة .... ولكن إذا استمريت في العطاء ستنفذ حصتك باكرا .... ستنتهي .... ستفنى .... ستُهدر قبل رؤية رد الجميل ....
لنكن متفقين هؤلاء الناس أقلية .... ولكن هناك البعض ممن يريدون كثرتهم .... هناك من يطالبك بهذا النوع من التضحية .... العطاء بدون مقابل .... خدعوك في البداية وأعطوك الأمل في الأخذ مقابل تضحيتك وصبرك يوما ما .... وبعد انتهاء المدة .... خدعوك قائلين إن تضحيتك ثوابها عند الله سبحانه وتعالى في الآخرة فاعمل في دنياك وقدم المزيد من التضحيات مقابل ما ستلقاه في آخرتك .... لا تسمح لهم بأن يخدعوك .... ليست الوطنية بتحمل الأسي وليس الدين بالزهد عما حلله الله .... ليست الأمومة في أن تنسي نفسك وأحلامك .... وليس الحب في أن تفني كيانك في كيانه .... يقنعونك بهذا لاستغلالك ....
إلى متي سنصبر؟؟ يجب أن تعلم أن التضحية والصبر بلا مقابل سلسلة غير منتهية .... تستمر إلى أن تأخذ صحتك وفرحتك وشبابك وأملك ثم تركك والبحث عن فريسة جديدة لاستنفاذها مثلما تم استنفاذك .... أعلم أنه من الصعب قول لا بعد سنوات من قول نعم .... لأن قولك نعم بالنسبة لمن أمامك أصبح حقا من حقوقه .... سيكون الأمر صعبا ولكن هذا لا يعنى استمرارك في طريق تعلم نهايته ....
لن تلقى في النهاية هذا إذا لقيت شيئا .... إلا كلمة ... كلمة شكر ... كلمة مدح لمدى اجتهادك وجدارتك .... كلمة تعبير عن الحب والامتنان .... وهذه الكلمة لن ترويك لن تشبعك عن سنوات طويلة من الجوع والانتظار .... مثلما تجد في نهاية امتحان صعب لم تستطع حله .... جملة من الشخص نفسه واضع الامتحان الراغب في رسوبك .... "مع أطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح."
التعليقات