دائما ما يشغل عقول الفلاسفة على مر العصور العديد من الأسئلة الوجودية المحيرة للعقل والوجدان والتي من أهم خصائصها أن لا وجود لتفسير أو مفهوم ثابت لها .... مثل السؤال المستمر عن مفهوم الحياة...
الحياة هي الوجود .... هي استمرار بقاء الروح في الجسد .... ولكن بالطبع هذا ليس المقصود من السؤال .... البحث مستمر عن مفهوم الحياة من الناحية الوجدانية والعقلانية .... أي مفهومها بالنسبة للإنسان الحي وليس للإنسان الآلي .... لطالما أردنا تلك الإجابة المقنعة التي ترضي عقولنا وتسكن نفوسنا لنكف عن السؤال ....
إذا أردنا البحث بمنطق .... يجب في البداية معرفة الشروط الواجب مراعاتها ....والتي تنص على وجوب تماشي مفهوم الحياة مع جميع البشر .... كل هؤلاء البشر بألوانهم وطبائعهم وآرائهم ومبادئهم .... يجب أن يقتنعوا ويصدقوا مفهوم الحياة المراد الوصول إليه ....
وهذا سبب عجز الفلاسفة والمفكرين حتى يومنا هذا عن الوصول إلى إجابة محددة لهذا السؤال .... ما هو مفهوم الحياة ؟؟؟
لأنه ببساطة كيف يكون للحياة مفهوم ثابت ؟؟؟ .... هل لو كانت الحياة هي نفسها في عيوننا جميعا لكان البشر مختلفين كل هذا القدر من الاختلاف ....؟؟؟
البشر مختلفون لاختلاف مفهوم الحياة بالنسبة إلى كل شخص فيها .... والعكس غير صحيح ....
يوجد الظالم الفاسد الذي يرى أن الاستمتاع بكل لحظة في الحياة فرض .... أوجبته نفسه المليئة بالسوء والأنانية لدرجة أن يظن أن الحياة أبدية بالنسبة له .... فالموت قريب من الجميع إلا منه .... يمشى في الدنيا مرتكبا لكل ذنب وخطيئة .... لدرجة أن تنظر إليه متعجبا لظلمه وطمعه .... ألا يعرف أن الحياة على الأرض مؤقتة ؟؟؟ .... ألا يعرف بوجود الله والحساب والجنة والنار ؟؟؟ ....
ويوجد الصالح .... الساعي دائما لرضا الله .... يدرس ويجتهد لأنه يعلم أنها عبادة وللتأمل وطلب العلم ثواب .... يعمل ويجد في عمله لأنه عبادة .... يسعى لجني المال للتقرب به إلى الله .... يسعى لتحقيق المستقبل الرفيع لأولاده من حيث المجد والمال لأنه يعلم حديث الرسول (ص) " كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول." ....
ويوجد من يري أن الحياة متاع .... ويوجد من يرى أن الحياة فترة اختبار ....
والاختلاف هنا يأتي من ظروف النشأة وطبيعة الحياة فالإنسان الصالح ليس بالضرورة أن يكون فقيرا .... فبالنسبة للإنسان الصالح الحياة فترة اختبار .... فترة تأهيل كالثانوية العامة مثلا .... يبذل فيها قصارى جهده مؤديا الفروض مبتعدا عن كل ما يشغل العقل ويذهبه.
ليصل في النهاية إلى أعلى المراتب كدخول الكلية التي يهواها ويرغب بها .... ولكن هناك من يقضي فترة الثانوية العامة في مدرسة خاصة مكيفة .... مع مدرسين يأتون إلي باب منزله ليلقنوه العلم في رأسه تلقينا .... وهناك من يقضيها في مدرسة حكومية ذات مروحة فوق الرءوس .... تجلب الهواء الساخن والغبار .... ويمشي مئات المترات يوميا للوصول إلى مدرس يشرح له ما يُصعب فهمه وهو جالس بين مئات من الطلاب غيره ....
وفي النهاية سيصل كلاهما إلى نفس النتيجة وهي الجنة الأبدية .... طالما أدى فروضه وابتعد عن المحرمات وتقرب بكل ما في استطاعته إلى الله سبحانه وتعالى.
فالحياة هي حياتك هي بصيرتك هي رؤيتك لنفسك وما حولك .... فعندما سُئل عظام العصور عن الحياة .... عبر عنها كل واحد من منظوره الخاص .... فقال بيكاسو "إنها الفن." .... وقال غاندي "إنها الحب." .... وقال دوستويفسكي "إنها الجحيم." .... وقال أينشتاين "إنها المعرفة."
فانظر إلى الدنيا كيفما شئت ولا تبرر ولا تسأل .... انطلق فيها بطريقتك ورؤيتك وعفويتك .... عشها كما تحب وليس كما هي .... فحياتك أنت من تخلقها وتضع حدودها من السعادة والتعاسة برؤيتك لمخاوفك و ترسيباتك القديمة .... بمعرفتك بما تريد وبما لا تريد .... بتحديد احتياجاتك وما يجعلك سعيدا حقا .... وبقناعتك بأنك على صواب وبأنك تستحق كل ما هو أفضل وأجمل بالنسبة لك وليس الجميع ....
وأنت .... ماذا تمثل الحياة بالنسبة لك .؟؟؟
التعليقات