الحج عبادة كسائر العبادات التي فرضت على المسلم؛ ونفقات الحج التي ينفقها كل عام من باب أولى أن يساعد بها الفقراء والمحتاجين؛ فمشروعية الحج هي أن يتجه المسلم إلى بيت الله طائعا له وهذا لمن استطاع إليه سبيلا؛ كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام ( وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا ).
وقد حج الرسول صلى الله عليه وسلم مرة واحدة في حياته ؛ ومن الأفضل توجيه نفقات الحج ؛إلى الصدقات على الفقراء والمحتاجين؛ بدلا من تكراره من خلال أموال الحجاج المقتدرين .
إن التاريخ يحفل بالعديد من المواقف؛ التي تؤكد الإنفاق على المحتاجين؛ أفضل من تكرار الحج ؛
فقد روى عبد الله بن المبارك ؛وكان رجلا كثير الحج ؛أنه رأى في إحدى رحلاته للحج أرملة؛ تغلي الماء لأطفالها الذين جلسوا يتضررون جوعا.
فقال في نفسه أطعام هؤلاء الجياع؛ وستر عورة هذه المرأة أجدى في نظري من الحج هذا العام فدفع بأموال الحجة؛ كاملة إليها فأقامت به المرأة مسكنها وأطعمت أطفالها؛ وسترت عورتهم .
وعاد عبد الله بن المبارك على حجه؛ وعلى حسن صفاته في طوافه وسعيه؛ فلما تعجب من ذلك لأنه لم يحج ؛ولم يسع رأى في منامه؛ أن عمله الصالح؛ جعل الله تعالى يوكل ملكا ليحج عنه مرة واحدة.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا حجة واحدة؛ ليقول للناس لا تشقوا على أنفسكم .. لا تكلفوا أنفسكم فوق طاقتها؛ والفرض هو مرة واحدة في العمر؛ لمن استطاع إليه سبيلا ؛ولذلك يجب أن نقدم الأهم؛ فالمهم وله أيضا ثواب الحج .
وفي الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:( يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا)؛ .. فقال رجل : أكل عام يا رسول الله : فسكت ثم سأله فأجاب الرسول :لو قلت : نعم ( لوجبت ولما استطعتم )؛ ثم قال : ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا عنه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه).
فيجب أن نقدم الأهم وإذا احتاج المسلم إلى هذا المال فيجب على أخيه المسلم ؛الذي حج من قبل أن يعطيه له أما أن يكون من خلال توفير فرص العمل؛ للذين يعانون من البطالة؛ أو للضعفاء الذين لا يقدرون على العمل .
أو المساهمة في بناء مصنع ؛أو مدرسة أو مستشفى ؛والإنفاق على أوجه الخير مثل التعليم؛ ورعاية اليتامى والاهتمام ببناء الآبار وانتشار الطرق والعطف على الأرامل والفقراء ؛والمساكين وطلاب العلم أكثر فائدة من الإنفاق على الحج المتكرر .
أوفي بناء مسجد يرفع فيه اسم الله يحصل ليل ونهار على الحسنات فقد بني الله بيتا في الجنة؛ وكذلك يمكن إقامة مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم ؛فلا تنتهي الأعمال الطيبة التي يئاب عليها المسلم ؛وكل ما فيه مصلحة للمسلمين جميعا؛ سوف يأخذ ثواب الحج بنيته كاملة .
وبالنسبة لحج الفريضة تؤدى مرة واحدة ؛ومن زاد فذلك تطوع ؛ولقد جعل الله بذل المال والإنفاق في سبيل الخير؛ علامة من علامات الإيمان .
ونجد كثيرا من الناس يكررون الحج مرة ؛ واثنتين بل وعشر؛ بل البعض يحرص على الحج كل عام إلى ما لا نهاية ؛وهم لا يعلمون أن العبادة عبارة عن رموز وشرعها الله سبحانه وتعالى لتعود لمصلحة الإنسان؛ ومع ذلك هم في حاجة إلى هذه الأموال من الضعفاء والمرضي.
التعليقات