الود كائن حي يقتات من أرواحنا على جمال الأفعال. هناك جسور تمتد بيننا وبين كل من يصادفنا في دنيانا، فلنجعلها جسورًا للمودة.
حرصك المستمر لتغدو شخصًا ودودًا يجعلك الكنز الثمين لكل من تلتقي بهم. أنت تقدر بعدد المواقف اللطيفة التي سكبتها على أحبتك؛ فنجوت بهم ومعهم.
عندي قناعة شخصية بأن لا أحد يفقد أحد؛ نحن لا نمتلك قلوب الناس إنما أفعالنا الطيبة تجاههم هي الشئ الوحيد الذي يُمَكِننا من أن نستأثِر بلُب أرواحهم.
أحيانًا نشعر بالحب في غياب من أحببنا أكثر من حالنا بجانبه؛ فلا تؤجل محبتك!!
هل تتصور يا صديقي أن وظيفة السفن تنحصر في أن ترسو على الشاطئ لتسكنها؟
أبحِر باحثًا عن رفيق قلبك، فلقد خلقت السفن للحركة وبلوغ الشطآن.
كل منا يدافع عن أرضه دون النظر هل هي صحراء أم واحة غنّاء أم شط هادر، تلك الأرض هي قلبك وما تصيب منه.
لو امتلكت الوقت لتسأل نفسك هل أنت سعيد أم غير ذلك؛ ستحطم فؤادك.
كل ما تحتاجه حقًا أن تملأ يوميًا وعاء قلبك بالمودة.
المودة أقوى من الحب وأبقى.
الحب يستأذن في الدخول على قلبك وقد لا يسمح له، عكس المودة تنساب بحلاوة مغلفة قلبك بكثير من الحنو والأمن.
نعم نستطيع أن نكمل حياتنا دون أن يرافقنا شريك في الحب، لكن يستحيل علينا أن نحيا بغير أُنس الود في أرواحنا.
هناك من الأشخاص من يطلق عليهم "جنود الروح" يُؤنسون قلوبنا ويبثون جمالهم الداخلي في أرواحنا . الصديق والصديقة، الجار، الأخ والأخت، الأب والأم، الابنة والابن، وكثير من الأحباب ممن يضفوا البِشر والسعادة على أرواحنا.
هؤلاء جميعًا أو بعضا منهم تَجِب لهم مودتك.
المودة شريك الحياة.
من أكثر ما يختبر صلابة المرء، المعاناة والحب. وأكثر ما يعيننا على إكمال دروبنا بنجاح أن نلتقي المودة وقت العَنَت.
القلب المسنود مُعَافى!!
وقد تحدث القرآن الكريم عن المودة والرحمة وليس عن الحب.
يقول "باولو كويلو" في أحد اقتباساته: إن أي شخص يفشل في إدراك مشاكله يترك بابًا مفتوحًا تندفع المآسي من خلاله.
لذلك فالمودة لا تأتي إلا متبادلة. الود من طرف واحد علاقة آثمة.
عطائك المستمر لمن لا يُقَدّر بَذْلَك وسَعيك المستمر في اتجاهه جريمة تنال من قلبك فتصيبك سهامه المسمومة.
ومن أجل هؤلاء خلق الهجر الجميل!
بعض الناس يظهرون فقط في أزماتك ليس لمواساتك والتعاطف معك، بقدر وَلَعَهم برؤيتك غارق في مشكلاتك، عاجزًا عن مواصلة السير.
هؤلاء يسكن عقولهم فن معاداة الحياة، تقتات قلوبهم على الحقد وينشطون في نسج المكائد.
هؤلاء يا صديقي هم من تأثم بمودتهم!
علمتني الحياة أن الجروح دومًا تترك ندوبًا، وأن المضي بأريحية في دنياك يستوجب أن تضع قلبك في المقدمة.
لا أحد يرتاح في نعل ضيق لقدميه؛ ستتألم أطرافك ويقل جهدك.
لذا فمن عرقل قلبك عن الرؤية انتقم منه بإعادة بناءك.
من المؤسف أن يتعين عليك أحيانًا أن تقطع طريقًا شاقًا لتحصل على شئ كان قريبًا كل القرب منك. اخترت الطريقة الصعبة للتعلُم؛ بل خشيت برقة قلبك أن تَجْرَح فسالت دماؤك أنت رخيصة.
كل هذا البذل في الود تجني ثماره إذا أغدقته على من يستحق.
لا أحد يفقد أحدا، لأنه لا أحد يملك أحدا. تلك حقيقة غائبة عن إدراك الكثير من البَشَر.
حُسْن الجِوار يطيل السُكنى ويبقيها وارفة الظِلال.
كذلك تفعل المودة.
لست من الأشخاص الذين يظنون أنهم يعرفون كل شئ. كل ما أنشده أن أكون مثل "القلم الرصاص".
أكتب بمودة ويبقى الود، أمحو برفق فتطيب في القلوب الذكرى، وأن يستمر الدفتر ممتلىء شاهدًا على عمرٍ أمضيته بجانبك وديدة.
كذبوا علينا عندما قالوا أن من الطيور ما يسمى "طائر الحب".
المودة هي طائر الحب.
لن يمكننا أبدًا العودة للخلف، لكن أجمل ما نستطيعه هو المضي قدمًا بمودة.
كل ما نحتاجه حقًا من الله، أن ينزع عن قلوبنا كل ما نبت فيها بغير مودة، هنالك فقط تطيب بداخلنا الحياة.
التعليقات