تشكل اللغة اليابانية مدخلاً أساساً للدراسة في اليابان، ومع عولمة الاقتصاد الياباني وتزايد اهتمام الأجانب واليابانيين باللغة والثقافة اليابانية ارتفع عدد الأشخاص الذين يدرسون اللغة اليابانية داخل اليابان إلى (931) ألف دارساً في عام 2017 مقابل (2.1) مليون دارساً يدرسون اللغة اليابانية خارج اليابان ، من خلال المعاهد والمراكز الثقافية التي تدعمها المؤسسة اليابانية Japan Foundation بالوسائل التعليمية والمعلمين.
توجد في وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلوم والتكنولوجيا إدارة مختصة بشئون الطلاب الأجانب. وتقوم هذه الإدارة بتقديم منح دراسية مرتين كل عام. الجزء الأول يبدأ الترشيح له في ديسمبر من كل عام لتبدأ الدراسة في أول إبريل من العام التالي، والجزء الثاني يبدأ الترشيح له في إبريل من كل عام لتبدأ الدراسة في أكتوبر من نفس العام. وللحصول على المنح الدراسية الحكومية عدة طرق وهي:
• التقدم عن طريق الملحق الثقافي الياباني في سفارات اليابان في الدول الأجنبية التي تقوم بطرح المنح سنوياً وقبل وقت كافٍ من الفصل الدراسي الأول والثاني بالقنوات الدبلوماسية.
• أن يقوم الطالب بالاتصال مباشرة بأحد الأساتذة في الجامعات اليابانية والذي يجوز له أن يتقدم لوزارة التعليم باسم الطالب متى اقتنع بقدراته العلمية وملاءمة أطروحاته لمجال تخصص واهتمام الأستاذ.
• أن يصل الطالب بنفسه إلى اليابان ويلتحق بإحدى الجامعات على نفقته الخاصة ، ومن ثم يجوز له التقدم من داخل الجامعة عن طريق المراكز الدولية الموجودة في الجامعات اليابانية لرعاية شئون الطلاب الأجانب.
• التحاق الطالب بإحدى معاهد اللغة اليابانية في اليابان على نفقته الخاصة ويتولى معهد اللغة إعداده لدخول الجامعة والتقدم باسمه للجهات المانحة ، علماً بأن هنالك مؤسسات كثيرة في اليابان تقدم منح دراسية للطلاب الأجانب بجانب خدمات ومساعدات أخرى. ومن تلك المؤسسات مؤسسات خيرية مثل مؤسسة "ساساكاوا"، "مياذاوا"، "سوميتوموا"، "متسوبيشي" و"موريتا" و"نادي الروتاري".
• التقدم إلى المؤسسة اليابانية Japan Foundation. وهي مؤسسة حكومية مهمتها دعم وتشجيع الدراسات اليابانية ونشر الثقافة اليابانية والتعريف باليابان. وترصد هذه المؤسسة إمكانات كبيرة للطلاب الأجانب بجانب إشرافها على سكن الطلاب في كومابا واستقبال الطلاب عند وصولهم إلى اليابان وتشجيع المواطنين على استضافة الطلاب الأجانب بقصد تعزيز التعاون والتبادل الثقافي.
وتقدم المؤسسة اليابانية المنح للطلاب والباحثين والمتدربين الأجانب على النحو التالي:
• الدراسة الجامعية.
• دراسة اللغة اليابانية.
• إعداد معلمي اللغة اليابانية ومنحهم شهادات بذلك.
• إجراء البحوث.
• الدراسات فوق الجامعية.
• الدراسات والأبحاث بعد مرحلة الدكتوراه.
• إعداد الأفلام الثقافية عن اليابان.
• تمويل الأنشطة الثقافية اليابانية خارج اليابان.
• دعم المراكز الثقافية اليابانية وجمعيات الصداقة اليابانية وروابطها المهنية خارج اليابان.
• دعم النشر والأعمال الفنية.
وللمؤسسة اليابانية مكاتبها في مختلف دول العالم ، كما أنها تصدر دوريات ونشرات علمية وثقافية عن اليابان يتم توزيعها على نطاق العالم.
المنح التدريبية التي تقدمها المنظمة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) Japan International Cooperation Agency. وهي أكبر المنظمات شبه الحكومية المانحة في اليابان. وتشمل المنح التي تقدمها هذه المنظمة مختلف مجالات التنمية الاجتماعية وتقديم العون للدول الفقيرة وتنفيذ المشروعات الكبيرة التي تساعد على النهضة الاجتماعية وتحسين الظروف المعيشة ، مثل بناء المستشفيات ، إنشاء الطرق والجسور ، توفير المياه وإصلاح البيئة.
تقدم جايكا في مجال التعليم والتدريب (340) دورة تدريبية سنوية تتراوح مدتها من أسبوع إلى عام. وتقدم هذه المنح للحكومات في مختلف دول العالم عن طريق مكاتب "جايكا" الملحقة بسفارات اليابان. وتعتبر هذه الدورات التدريبية فرصاً لاكتساب الخبرات والمهارات المهنية المختلفة ، كما تعتبر مدخلاً للتعرف على اليابان وفرص الدراسة فيها.
يشكل امتحان الدخول للجامعة منعطفاً هاماً في حياة الطالب الياباني ، إذ أن الالتحاق بالجامعة لا يتم وفقاً للدرجات التي حصل عليها الطالب في نهاية المرحلة الثانوية. بل يعقد امتحان خاص ، يُعرف بامتحان دخول الجامعة في الثلاثين من مارس من كل عام. ويستعد الطلاب وأسرهم لهذا اليوم. وبما أن الامتحانات تعقد في المدن الرئيسية التي توجد فيها مراكز الامتحانات ، ينتقل الطلاب الذين يعيشون في المناطق البعيدة وذويهم للإقامة ليلة أو ليلتين في الفنادق القريبة حتى تتم تهيئة الظروف الملائمة لكل طالب.
ويعتبر اجتياز امتحان دخول الجامعة ضماناً للتخرج منها بنجاح. يتكون العام الجامعي من فصلين وتنتهج الجامعات نظام الساعات المعتمدة ويرتبط الطالب كثيراً بالأستاذ المشرف أو أستاذ التخصص الذي يختاره الطالب ، إذ أن للأستاذ دوراً كبيراً في قيادة الطالب وإرشاده أثناء الدراسة وبعد التخرج من الجامعة. وللأستاذ الجامعي مكانة خاصة في المجتمع الياباني وكذلك في المؤسسات والشركات التي تعتمد على الأستاذ في اختيار موظفيها.
تقوم الشركات - عادة - بزيارة الجامعات الكبيرة في نهاية كل عام لمقابلة الطلاب ، الذين نجحوا في الامتحان النهائي لعامهم الجامعي الثالث وذلك لاختيار الراغبين للعمل. لذا ينتقل الطالب إلى السنة النهائية وقد اطمأن على عمله ومستقبله. ويلعب الأساتذة دوراً في هذا المجال ، كل بقدر مكانته في المجتمع وشهرته الأكاديمية. وتشكل التوصية التي يكتبها الأستاذ للطالب أو بطاقته الشخصية الموقعة ، شهادة تفتح للطالب الأبواب في جميع المرافق العامة والخاصة. ويظل الطالب بعد تخرجه مرتبطا بأستاذه. ولكبار الأساتذة روابط وجمعيات يكونها طلابهم، وتقوم تلك الروابط بعقد لقاءات سنوية للاحتفال بالأستاذ والاستماع لإرشاداته ، وهكذا يمتد التواصل والتعارف بين الطلاب القدامى والجدد وتعزز العلاقات بينهم. وبهذا الأسلوب يشكل خريجو الجامعات اليابانية الكبيرة أسرا متعاونة تساند بعضها البعض في مختلف المواقع والمناسبات. والتعارف بين اليابانيين يتم غالبا بذكر الشركة التي يعمل فيها والجامعات التي تخرج فيها والأستاذ الذي أشرف عليه. ومتى وجد المرء يابانيا كان أم أجنبياً أحد خريجي جامعته اليابانية أو أحد الذين تتلمذوا على يدي أستاذه في أي موقع يشعر بالاطمئنان وكأنه بين أبناء قبيلته أو أفراد أسرته. إن أكثر ما يميز الدراسة في الجامعات اليابانية أمران هما:
أولا: الدور الرائد للطلاب في العملية التعليمية، فالطالب ليس مجرد متلقي يحفظ ما يقوله أو يكتبه الأستاذ ويردده كالببغاء. الطالب في الدراسة الجامعية وفوق الجامعية مشارك في العملية التعليمية بقيادة النقاش والحوار وبتقديم البحوث والمحاضرات على زملائه وأساتذته في سمنارات مشتركة. والطلاب في هذا السياق يتسابقون نحو البحث والإطلاع والوقوف على المعلومات الجديدة وفحصها وتحليلها بقصد تقديمها في قاعات الدراسة.
ثانيًا: يشكل نقل المعرفة الأجنبية وتجارب الدول الأخرى في مختلف المجالات نهجا أساسا في العملية التعليمية. ولذا تتجه أنظار الطلاب إلى الدوريات العلمية العالمية ومتابعة ما يصدر عن دور البحث العلمي ورصد التشريعات والنظم والعلوم المستحدثة. ويقوم الطلاب وفقا لتخصصاتهم بترجمة العلوم والمعارف الأجنبية إلى اللغة اليابانية مع الشرح والتعليق والتركيز على النقد، باعتبار النقد العلمي هو القاعدة التي تنطلق منها الأفكار الجديدة. البحوث الأكاديمية (بحث التخرج ، رسائل الماجستير والدكتوراه …إلخ) تركز على المجتمعات والأحداث والمتغيرات خارج اليابان، بهدف جلب المعرفة ، أي على عكس ما يجري في العالم العربي، إذ تركز البحوث الأكاديمية على دراسة المجتمعات والأحداث الداخلية ونقلها إلى الخارج للحصول على دراسة المجتمعات والأحداث الداخلية ونقلها إلى الخارج للحصول على درجات علمية.
العناية بالعلوم والتكنولوجيا في اليابان تعهدت بها شركات القطاع الخاص ، ورغم اهتمام القطاع العام بالعلوم والتكنولوجيا ، إلا أن القطاع الخاص يولي البحوث العلمية الأولوية القصوى باعتبارها القاعدة التي تقوم عليها الصناعة. وقد لاحظنا كيف أن الشركات اليابانية الرائدة ظلت تلهث منذ نشأتها في أوائل القرن التاسع عشر وراء المعلومات الفنية في الشركات والمصانع الأوروبية والأمريكية. لكل شركةٍ ولكل مصنعٍ صغيراً كان أم كبيراً معهداً أو معاهد للبحوث في المجالات المختلفة للعلوم والتقنية.
إن مؤسسات القطاع الخاص لا تحصر أبحاثها على مجال عملها فحسب بل تمتد أبحاثها في جميع الاتجاهات ، على أمل أن تفتح بابا جديدا لتطوير خدماتها ، أو تكتشف اختراعاً جديداً تتقدم به على غيرها من الشركات. وتبلغ ميزانية البحوث في مجال العلوم والتكنولوجيا حوالي (15) تريليون يناً ( وفقاً للعام2000).
في عام 1995 صدر القانون الأساسي للعلوم والتكنولوجيا الذي جعل البحث العلمي وتطوير التكنولوجيا واجباً قومياً ملزماً للحكومة القومية والحكومات المحلية. وبناءً على ذلك قفزت الأموال التي ترصدها الحكومة في الميزانية من (2200) بليون في عام 1993 إلى (3200) بليون ين في عام 2000 ، وإلى (7، 12) ترليون ين عام 2007، وتخصص هذه الأموال للأبحاث العلمية الأساسية والأبحاث العلمية التطبيقية والأبحاث العلمية التطويرية التي تتعهد بها الجامعات ، معاهد البحوث الخاصة ، معاهد البحوث الحكومية والمؤسسات المتخصصة. ويلاحظ الفارق الكبير ما بين ما تنفقه الحكومة في مجال العلوم والتكنولوجيا مع تلك التي تنفقها مؤسسات القطاع الخاص.
يبلغ عدد الباحثين المتفرغين للبحث العلمي (1820000) باحثاً، منهم (90%) في مجال البحوث الصناعية، بالإضافة إلى العاملين والباحثين في مراكز ومعاهد بحوث الجامعات ومعاهد التكنولوجيا.
تقدر صادرات اليابان من التكنولوجيا المتقدمة (4028) بليون ين، (6، 43%) منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية بينما تبلغ التكنولوجيات التي تستوردها اليبان (704) بليون ين في العام.
التعليقات