الفنان الكبير يحيى شاهين، ولد يوم 28 يوليو عام 1917م في جزيرة ميت عقبة بمحافظة الجيزة، حصل على دبلوم الفنون التطبيقية – تخصص نسيج - عام 1933م، وعمل لفترة موظفاً في المحلة.
وتحدث يحى شاهين عن بداية موهبته الفنية قائلا: فى مدرسة عابدين الابتدائية وجدت فرقة تمثيل تنتظرنى وكان لا يلتحق بها إلا الطلبة الذين أُوتوا الجرأة على الإلقاء بصوت مرتفع فى حصة المطالعة؛ كان أستاذنا فى فرقة التمثيل أستاذنا المرحوم بشارة واكيم.
وقد قدمنا من العام الأول من اشتراكى فى فرقة التمثيل مسرحية «مروءة ووفاء» وبطلها «النعمان بن المنذر» المشهور فى التاريخ العربى؛وفى مسابقة المدارس فازت روايتنا من حيث الأداء بالجائزة الأولى وأخذت بصفتى أبرع الممثلين هدية هى «رباعيات عمر الخيام»
وتعلقت بالفن منذ ذلك الوقت، وكان تشجيع الأستاذ بشارة واكيم لى يزيدنى ثقة بنفسى وأملاً فى أن أصبح فناناً، ثم التحقت بالمدرسة الثانوية وسارعت إلى فريق التمثيل لأتابع نشاطى الفنى.
وفى السنة الثانية الثانوية ؛توفى أبى وكانت أسرتنا محدودة الرزق والإمكانيات ولم يترك أبى شيئاً كثيراً، لهذا اضطررت أن أترك المدرسة الثانوية بمصاريفها الباهظة وألتحق بالمدرسة الصناعية المجانية.
أشبعت هوايتى بمشاهدة حفلات المدارس الثانوية؛ وحفلات الفرق الفنية بقدر ما تسمح به مصروفاتى ؛وذهبت إلى الأستاذ عبدالله أباظة لآخذ منه خطاباً لألتحق بوظيفة فى مصانع المحلة الكبرى.
ولم أكن راغباً فى هذا التعيين ولكنه كان بناء على إلحاح أسرتى التى لم يرضها أن أتخرج فى المدرسة ولا أكتسب.
قابلت عند الأستاذ عبدالله أباظة الفنان القديم أدمون تويما وكان فى ذلك الوقت مديراً لمسرح الفرقة المصرية.
ولاحظ أدمون من حديثى مع الأستاذ عبدالله أباظة أننى راغب عن الوظيفة، وأننى فى ضيق لأننى سأغادر القاهرة، وتشاء الصدفة أن نخرج سوياً أنا وأدمون ويتجاذب معى أدمون أطراف الحديث فيعرف أننى أحب الفن، فيضرب لى موعداً لأقابله فى المساء ويسمع المزيد منى عن حبى للفن وهو يتأمل قامتى وإلقائى للعبارات فى إعجاب، فيقدمنى إلى الأستاذ خليل مطران.
والتحقت بالفرقة القومية ولم أسافر إلى المحلة الكبرى، وكان هذا أول أدوار الصدفة فى حياتى، ولكنى عينت بلا أجر وتركت الأسرة التى لم ترض عن تصرفى وأخذت نصيبى من الميراث وأنفقته عن آخره.
وكان العمل يجرى فى فيلم «دنانير» فى ذلك الوقت، وكان أدمون حريصاً على أن يفتح لى أبواب العمل أينما استطاع ولهذا قدمنى إلى مخرج الفيلم لأقوم بدور صغير فيه، وتقاضيت جنيهين عن كل يوم من أيام العمل.
كان معى فى الفرقة عشرون هاوياً، ولم نرض عن وضعنا كهواة فتقدمنا بمظلمة نطلب فيها اعتبارنا من المحترفين، وقالت إدارة الفرقة إنها توافق على شرط أن يعقد لنا امتحان.
ونجح فى الامتحان خمسة، هم أنا وحسن إسماعيل ومحمود إسماعيل وشفيق نور الدين وسلامة إلياس، وتحدد لكل منا أجر قدره ثلاثة جنيها إلى خمسة.. وحدثت بعض الخلافات بينى وبين بعض الزملاء فى الفرقة فآثرت أن أتركها والتحقت بفرقة السيدة فاطمة رشدى.
وفى القاهرة قررت السيدة فاطمة رشدى أن تحل الفرقة.. وفى هذه الأثناء كان الأستاذ أدمون تويما قد بدأ العمل مع الأستاذ يوسف وهبى، وسمع الأستاذ أدمون بحل فرقة فاطمة رشدى فقدمنى إلى الأستاذ يوسف وهبى لأشتغل فى فرقة رمسيس؛ وعندما كونت السيدة فاطمة رشدى فرقة جديدة عام 1937 عدت إليها وبدأنا نشاطنا المسرحى بمسرحية «تحت الضباب».
وأشار يحيى شاهين قائلا: فى ليلة العرض رآنى الأستاذ خليل مطران فهنأنى ولوح لى بعقد للعمل فى الفرقة القومية، بثمانية جنيهات .
وظللت أعمل فى المسرح فقط حتى عام 1943، وفى ذلك الوقت بدأ إخراج فيلم «سلامة» ودار البحث عن بطل يقوم بدور «عبدالرحمن القس» أمام أم كلثوم.
وكانت أم كلثوم قد رأتنى وأنا أمثل على خشبة المسرح فطلبت إلى المخرج أن يختارنى، ووجدتها فرصة كبرى فتفانيت فى أداء دورى حتى أن توجو مزراحى وقع معى عقداً لبطولة أخرى فى فيلم «المظاهر»؛حتى اضطررت إلى التفرغ للعمل فى السينما من خلال بطولة فيلم (سلامة) امام ام كلثوم .
تمكن الفنان “يحيي شاهين” بفضل موهبته الصادقة أن يصبح واحدًا من كبار رجال الفن السينمائي المصري والعربي، خاصة عقب تجسيده لشخصية “السيد أحمد عبد الجواد” من خلال ثلاثية نجيب محفوظ “بين القصرين- قصر الشوق- السكرية”، كما برع في أداء الأعمال الدينية والتاريخية، منها “فجر الإسلام” و”بلال مؤذن الرسول” و”رسول الإنسانية”.
في يوم 18 مارس عام 1994م توفي الفنان “يحيى شاهين” بعد رحلة حياة عمرها 78 قدم خلالها أعمالاً فنية رائدة.
من أبرز أعماله السينمائية: “مذبحة الشرفاء” و”دموع صاحبة الجلالة” و”الإخوة الأعداء” و”شئ من العذاب” و”شئ من الخوف” و”رجل وامرأتان” و”لا أنام” و”جعلوني مجرما” و”سيدة القطار”و”محطة الأنس”، كما قدم عدد من الأدوار التلفزيونية المتميزة منها “ومازال النيل يجري” و”الأب العادل” و”القضاء في الإسلام” و”أولاد ضرغام” و”الأيام” و”شارع المواردي”.
نال الفنان الراحل “يحيى شاهين” العديد من الجوائز والأوسمة خلال مشواره الفني عن أفلام (نساء في حياتي) وجعلوني مجرما وارحم دموعي وثلاثية نجيب محفوظ”.
كما حصل على الجائزة التقديرية الذهبية من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية، ووسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى كمهندس تطبيقي عام 1980م.
بالإضافة إلى شهادة تقدير من مهرجان القاهرة الدولي عام 1987م، وجائزة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام 1989م، وجائزة غرف السينما عام 1989م،وأيضاً وسام الجمهورية من الطبقة الثالثة من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وشهادة تقدير وتفوق للرواد السينمائيين عام 1993م
التعليقات