مقطع غنائى يردده فريد الأطرش فى أغنية (دايما معاك) التى كتبها عبد العزيز سلام ضمن سياق الفيلم الذى يحمل نفس العنوان، الجملة التى استقرت فى وجدانى (تعمل شيطان أعمل حاوى).
إنه التحايل على الوضع القائم المفروض عليك، حتمية الصراع الأزلى مع قانون الحياة، شئت أم أبيت ستجد نفسك مرة (شيطان) وأخرى (حاوى).
هل أنت موظف؟ وكم تتقاضى؟ عليك أن تعمل فى وظيفة أخرى لتتكسب منها ولو أحلت عربتك إلى (أوبر) من الممكن لك مجابهة تكاليف الحياة.
صاحب رأس المال لديه سلاح اسمه (كورونا) وسينتهى الحوار بينكما إلى طريق مسدود، وعليك فى النهاية أن تحمد ربنا أنك لا تزال تتقاضى أجرك المتفق عليه قبل (كورونا) ولا تحلم بأكثر.
كل شىء سيخضع فى النهاية إلى معادلة شوية عليك وشوية عليهم وشوية ع الجيران، حتى نعبر الأزمة.
كثير من المواقف عبر التاريخ الفنى تتشابه فيها المعادلة الزئبقية (الشيطان والحاوى) عندما أقامت أم كلثوم دعوى قضائية ضد محمد الموجى لأنه لم ينجز لحن (للصبر حدود) فى الموعد المتفق عليه، كانت أم كلثوم تتابع انشغاله على صفحات الجرائد بالتلحين لعبد الحليم ونجاة وشادية وفايزة أحمد، واعتقدت أنه لا يمنح لحنها الاهتمام الكافى واللائق، وطالبته بتعويض لأنه سيضيع عليها موعد حفلها الشهرى، وأمام القاضى لعب الموجى دور الحاوى وقال له: سيدة الغناء العربى لها ألف حق، وأنا فعلا تأخرت لأننى لم أعثر بعد على الإلهام، وأنت سيدى القاضى عليك أن تلقى القبض على الإلهام الذى لا يزال يراوغنى وبمجرد القبض عليه سوف أسلم لها اللحن، وضحك القاضى وضحكت الست.
واستجاب الإلهام لقرار القاضى، وجاءت الأنغام خاضعة لأنامل الموجى، وانتهى من تلحين (للصبر حدود)، واحدة من روائع أم كلثوم، رغم أن الموجى أحب أكثر لحنه العاطفى الثانى لها (اسأل روحك)، لأنها كثيرا ما تدخلت فى لحنه العاطفى الأول، الناس أحبت أكثر (للصبر حدود) طبقا لأرقام التوزيع فى جمعية المؤلفين والملحنين.
كان الحديث عن الهزيمة فى 67 بسخرية يثير غضب الرئيس جمال عبد الناصر، بينما كان هناك على الجانب الآخر غضب كامن فى النفوس ضد القيادة العسكرية التى أدت للهزيمة، وكان الشاعر الغنائى الكبير مأمون الشناوى والكاتب الكبير أنيس منصور يتبادلان تقديم ملامح النكتة الساخرة، وعلمت أجهزة المخابرات بمصدر النكت، وفى واحدة من خطبه أشار عبد الناصر إلى أنه يدرك الطبيعة الساخرة للمصريين ولكنه يريدهم الحفاظ على معنويات القوات المسلحة، ولقد أشار فيلم (الممر) لشريف عرفة إلى تلك الواقعة بطريقة غير مباشرة، للتأكيد على غضب السلطة من انتشار النكت السياسية.
بعد حديث الرئيس وصلت الرسالة لمأمون وأنيس، فتوقفا تمامًا، إلا أن مأمون الشناوى كتب أغنية (العتبة جزاز والسلم نايلو فى نايلو) والتى تناول فيها بتلك الصورة الشاعرية الفولكلورية (العتبة جزاز) ما حدث وأدى للهزيمة لأن السلاح الجوى المصرى تحطمت طائراته على الممر قبل أن يشارك فى المعركة.
والغريب أن الأغنية حطمت- بصوت الثلاثى المرح وتلحين على إسماعيل- أعلى كثافة فى الاستماع، وقدم فيلمًا يحمل نفس العنوان، ولم يتنبه أحد إلى أن مأمون الشناوى لعب دور (الحاوى) حتى يمرر كلمات تعبر عن سخريته ضد ما حدث فى 67 وصار (السلم نايلو فى نايلو)!!.
التعليقات