ليس من السهل أن تتحدث الكلمات لتنشىء فيضان من المشاعر والأحاسيس المرهفة التى فاقت الوصف وتجاوزت حدود الابداع حتى تلاشى الفرق بين الخيال والواقع.
لأجل هذا الاحساس المرهف وارضاء للقلب المرهق تناولت الكاتبة الواعدة مي حمزة في أولى رواياتها – لأجل تلك الليالي - عدة مواضيع قلبية أقل ما توصف به دفء المشاعر وصدق الاحساس وسلاسة المعنى وعذوبة الوصف بطريقة السهل الممتنع لتتحدث عما يدور في اعماق ذاكرتنا منذ أن نشئ القلب على عاطفة التذكر واسترجاع ذكريات الماضي والى الفترة التي نضج فيها العقل وأصبح مسؤلا عن تلك الذكريات ليعييد تقييمها وليتم محاسبتها بقضاء أقل مايمكن وصفه بقضاء قاس ، وكما أوضحت سطور الرواية العذبة قدرة الأرواح لاستيعاد السيطرة على زمام الأمور فقد استطاعت مي حمزه برقة بالغة وواضحه أن تسترجع ذكريات واحداث لم ينجو منها طفل أو مراهق فى هذه الفترة المهمة في حياتنا التي يتشكل فيها الوعي بدون أدنى وعي منا.
عشنا مع نجاة التى تطلب النجاة من ذكريات الماضي وتفاصيله الدقيقة المرهقة ، وكيف ننجو من ماض مر فى أعماقنا وحفر تضاريسه في ثنايا العقل فأصبح جزءا لايتجزئ من الحاضر والمستقبل. نعم هو كذلك بدون أدنى مبالغة فالماضي الذي توهمنا أننا لم نعد نعلم عنه شيئا قد يصبح في لحظات مصيرية حرجة صاحب القرار والمصير لحياة أبدية نعيشها بلامبالاة طول العمر.
لا أستطيع أن أنكر أن أحداث الرواية مستوحاة من ذاكرة العقل البريء في فترات صباه ، فكانت التوقعات بريئة تماما كصاحبتها نجاة ولكنها أصطدمت بالواقع المرير الذي أجبرت أن تحيا بداخله دون اراده حقيقه لتغييره ولكن بارادة ساذجة كسذاجة الأطفال لتراه فى شريط مرسوم يضاهي بين ماض مليء بالاحلام ومستقبل مجهول يئن عليه أن يواكب الحياة المعاصرة بكل واقعيتها المريرة.
عشنا مع نجاة التى تطلب النجاة مرات عديدة بلا يأس من كل مايتعلق بالأحلام الواهية التى ترسخت في عقلها فأبت أن لاتحتفظ بها الا الى الأبد.
نجاة التي مرت بمراحل الطفولة والمراهقة بعقل لايستوعب الأحداث ومرت كذلك بمراحل الجامعة وحياة الشبابية الشبه ناضجة ومراحل الأنطلاق لتنفيذ ألاحلام والأماني بعقل يستوعب ولايستوعب في نفس ذات الوقت وعشنا معها مرة أخيرة بأدوار أكثر تعقيدا وبحياة مصيرية لتكون زوجة ثم أما ثم وصلنا لنقطة الحسم وهدم القدرة على التأقلم فكونت مسارا مختلفا لكل البدايات.
أشفقنا جميعا على نجاة وعلى كل من يبحث عن الحب في كل مرحلة عمرية وأشفقنا عليها أشفاقا خاصا حينما تصالحت نجاة البريئة مع تلك الخيبات بالأحضان.
"كنت أحتاج الى الحضن لأعرف من خلاله أنه يحبني وأنني أنتمي اليه ، فهل كنت تحبني ياطارق؟"
"وسنظل الى الأبد أرواحا تبحث عن طرق نجاة وورودا في قلوب أحبتنا محفوظين"
لأجل تلك اليالي رواية درامية اجتماعية تشبهننا جميعا فأستطاعت الكاتبة أن تلمس ذكرياتنا بصدق وأستطاعت أسترجاع لحظات دقيقة من أجمل ذكرياتنا جميعا وأستطاعت أن تسمح لدموعنا بالتساقط على شريط العمر.
أستطاعت الرواية أن تفتح بابا من الأمل المفقود على خيبات العمر ولو كان هذا الباب مواربا على استحياء.
رواية واقعية الى أبعد الحدود تجبرك على عدم التنازل عن أحلامك وأهدافك مهما كلفك الأمر ، فلن تكون التكلفة الحقيقية التى تخشى نتيجتها بأسوأ حالا من طريق تمشي فيه متعثرا وقدد ظننت وهما أن عقلك أرحم بك من قلبك.
كنت أتمنى الأسهاب بأريحية أكثر عن بعض الزوايا الغير مرئية لشخصيات الرواية التي عاشت وعاصرت الأحداث مع نجاة لندرك بما لايدع مجالا للشك أن مايدور حولنا وما نعيش معه وبجواره لن يتركنا وان فعل.
التعليقات