لم تكن الدولة المصرية بعيدة عن القوانين التي كانت تقف عائقاً أمام النهوض بالاقتصاد المصري، وكانت التعديلات الجوهرية الضرورية لقانون الاستثمار الحالي رقم 72 لعام 2017 في غاية الأهمية، بعد سنوات من البيروقراطية، والمناخ شبه الطارد للاستثمار في القانون القديم رقم 8 لعام 1997، وتعديلاته فيما بعد أكثر من مرة.
وكان لابد أن تتضمن إجراءات الإصلاح الاقتصادي، تعديلات قانون الاستثمار المصري، عبر مجلس النواب الذي بذل جهوداً مضنية في هذا الإطار، حيث أن قوانين الاستثمار هي شريان الاقتصاد لأي دولة تسعى للنهوض، ومن هنا جاء القانون المصري بهدف رفع معدلات النمو الاقتصادي للبلاد، وزيادة معدلات الإنتاج المحلي وتوفير فرص العمل، وتشجيع التصدير، وزيادة التنافسية، بما يسهم في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة-كما جاء في مسودة القانون.
ولاشك أن مواد القانون الجديد، خاصة المادة 21، وما بعدها، والمتعلقة بإنشاء مركز خدمة المستثمرين، تسّهل الكثير من الإجراءات على المستثمرين، ووصل الأمر إلى النص القانوني الذي ينهي إجراءات المستثمرين عبر هيئة الاستثمار في أيام معدودة، عبر وجود ممثل لكل هيئة أو جهة داخل المركز، ومن ثم توفير الجهد والوقت على المستثمرين.
وتبقى القضية الأهم، في أن الإعلام المصري لم يرّوج لهذا القانون بالشكل المطلوب، واقتصر الأمر على الحديث عنه أثناء صدوره فقط، دون إلقاء الضوء على مئات التسهيلات والتعديلات التي أصبحت جاذبة بشكل كبيرللاستثمار، خاصة الاستثمار الأجنبي، ومواكبة مصر مع المتغيرات العالمية في هذا الإطار، حتى جاءت أزمة فيروس كورونا التي أثرت على الاستثمار العالمي بنسبة انخفاض قرابة 42%، حيث كان 1.5تريليون دولار عام 2019، مقابل 859مليار دولار عام 2020.
ومن المؤكد أن تعديل قانون الاستثمار كان السبب الرئيسي لوصول حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر عام 2019 إلى 9مليارات دولار، بزيادة 11% عما سبق، وبما يعادل 20% تقريباً من حجم الاستثمارات التي دخلت قارة إفريقيا كاملة والتي وصلت إلى قرابة 45 مليار دولار لنفس العام، في حين أنها انخفضت قرابة 18% للعام 2020 لتصل إلى 38مليار دولار فقط نتيجة تبعيات كورونا.
وكان من الطبيعي أن تحافظ مصر على صدارتها كأول دولة، أو ضمن أوائل الدولة الجاذبة للاستثمار، كوجهة استثمارية في صدارة الدول الإفريقية ، خاصة خلال السنوات الثلاث الماضية بحكم عدة تقارير لجهات اقتصادية مختصة، الأمر الذي يعني فاعلية تعديل القوانين الخاصة بالاستثمار في مصر، وهذا بفضل حالة الاستقرار الأمني، وتثبيت أركان الدولة المصرية بعد سنوات من الاضطراب والفوضي، سواء بسبب ما سمي بـ"الربيع العربي" أو خلال فترة تولي جماعة الإخوان للحكم.
وعلى المستوى الشخصي، لديّ أكثر من وجهة نظر، أولاً:هو أن الإعلام المصري لايزال مقصراً في إلقاء الضوء على المناخ الجاذب للاستثمار في مصر، وإبراز التسهيلات المقدمة للمستثمرين، ثانياً: نتطلع إلى المزيد من اللقاءات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورجال الأعمال، وزيارة مصانعهم في كل ربوع البلاد، لإرسال رسالة للجميع بمشاركته وتشجيعه الدائم، خاصة أن الشعب المصري يثق في كل خطوة له، بل يسير وراء توجهاته دائماً.
ثالثاً:نتطلع جميعاً إلى إضافة الكثير من التعديلات المستمرة للقانون الحالي لمواكبة التغييرات الجارية، ونتطلع أيضاً بأن يتضمن التعديل الوزاري القادم تخصيص حقيبة للاستثمار فقط، لأن القانون الحالي، وسعى الدولة نحو ضريبة البورصة، وتسجيل الشركات، وتعديلات الجمارك ونظام التصدير والإستيراد، كذلك الفاتورة الإلكترونية، وغيرها من الخطوات، يحتاج بالتأكيد إلى وزير مختص لهذه الحقيبة.
لقد اتخذت مصر الكثير من الخطوات لتهيئة مناخ جاذب للاستثمار يليق بمقدراتها، بدءاً من توفير حالة الأمن، مروراً بتعديل قانون الاستثمار، ومواكبة التقدم التكنولوجي، ونطالب بالمزيد من إلقاء الضوء على ذلك وتسليط الضوء على لقاءات الرئيس السيسي برجال الأعمال، ومشاركته في افتتاح وزيارة المصانع، لأن رجال الأعمال يمثلون الجزء الأكبر والأهم في الاقتصاد المصري، سواء باستثماراتهم، أو بعلاقاتهم الواسعة والممتدة في غالبية دول العالم، لأنهم سفراء الاقتصاد المصري خارج أرض الوطن، كما أنهم صورة معبرة عن الحالة الأمنية والاقتصادية والسياسية لبلدهم.
التعليقات