قلبي مع تونس وشعبها، حتى وإن حملت تطورات الأوضاع بعض المخاوف على مستقبل الوطن، فالرهان على وعي الشعب التونسي، وثقافته الكبيرة والممتدة هي صمام الأمن نحو الاستقرار والعبور بالوطن إلى بر الأمان، وقدرة الرئيس التونسي قيس سعيد وخبرته تمكنه من الكثير لإعادة بناء الدولة.
وما جرى في تونس، والثورة على حزب النهضة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان تأخر كثيراً، فلم تعد أنظمة الحكم التي تقوم على التسلط الديني تصلح لإدارة البلاد، أو التعامل مع العقلاء والنبلاء والمثقفين ومحبي الوطن، بعد كشف الغطاء عن الجماعات الدينية وتسببها في تأخر وتدمير البلاد.
وتأخر الخطوات التي اتخذها الرئيس التونسي تجاه حزب النهضة، وتجميد البرلمان الذي يتزعمه راشد الغنوشي، رئيس حزب النهضة، لم يأتي من فراغ، لكنه جاء بعد الفشل في خلق حالة توافق وطني يقوم على وضع تونس في المقدمة، وأن تكون البلاد ونهضتها هدفاً سامياً للجميع، وليس نهضة الإخوان التي يريدونها نحو التسلط الديني وتنفيذ أجندة الخلافة المزعومة من الخارج لتنفيذها على أرض تونس.
والفترة القادمة لايجب فيها التوقف عند الماضي كثيراً، بقدر ما يجب الحديث فيها عن المستقبل وخارطة الطريق، خاصة أن موقف تونس الدولي أفضل بكثير من الموقف الدولي تجاه مصر أثناء ثورة 30يونيه على الإخوان، ربما لأنها كانت صدمة لأصحاب الأجندات بفشل المخطط في دولة بحجم مصر، والآن لم يعد الأمر مفاجئاً للكثيرين، لكنه ربما كان الرهان الأخير، أو نقول قبل الأخير في ظل الوضع الليبي الحالي فربما تكون ليبيا المحطة النهائية.
وفي كل الأحوال تستطيع تونس أن تعود للصدارة في كل المجالات بالاستقرار السياسي ووحدة الشعب خلف الرئيس الذي أقدم على خطوات تمثل مرحلة حاسمة في تاريخ تونس، وتحمل مخاطرها، لكنها مخاطر مشتركة، ولا سبيل نحو تونس إلا بالوحدة شعباً ورئيساً في مواجهة قوى الظلام، وممارساتهم المُتبعة بعد الثورة عليهم كما رأينا من قبل في أكثر من دولة بنفس الطريقة ونفس الأسلوب.
نعم.. تونس تستطيع برغم كل التحديات الراهنة في القطاع الاقتصادي، والصحي الذي تأثر كثيراً بسبب جائحة كورونا، كذلك البطالة وتصارع بعض القوى تجاه الموقف في تونس، وبالتالي تبقي إرادة الجماهير التونسية هي الفيصل، ولعل الدعم المؤيد للرئيس التونسي من قبل شعبه يبشر بالخير والطمأنينة.
نعم.. تونس تستطيع طالما أقدمت على أهم خطوة في تاريخها وهو التخلص من سيطرة وحكم الجماعة، وبالتالي يبقي كل شئ سهلاً عما سبق، والبدء الفوري في وضع خارطة طريق أوضح، تبرز معالم وخطة الدولة التونسية نحو بناء نظام سياسي وإنتخابي ينتج عنها مؤسسات تشريعية ونيابية تعبر عن هذا الشعب الذي ننشغل بمصيره بقدر إنشغالنا على مصير مصر قبل وبعد ثورة 30يونيه.
نعم.. تونس تستطيع بثرواتها وخيراتها، ومحاكمة لصوصها من مدعي الوطنية والتدين، وناهبي مقدراتها لتنفيذ أهدافهم المشبوهة، وأفكارهم المسمومة، وأساليبهم الدنيئة في إدارة البلاد، والعمل لمصلحة فئة معينة تنتمي إلى تنظيمهم،وكأن غالبية الشعب التونسي يعيش في دولة تانية.
التعليقات