لاشئ يحزنني أكثر مما يحدث على أرض لبنان الحبيبة، الوطن الذي كان يشع جمالاً، ويمثل قبلة الكثيرين من راغبي رؤية الجمال والطبيعة في أفضل صورها، هذا الوطن الذي يمثل صورة ذهنية تعبر عن كل ما هو جميل، سواء لمن زاره، أو من يرونه عبر وسائل الإعلام.
كانت الصورة من لبنان، أو العاصمة بيروت، وبعض المناطق السياحية الأخرى، دائمة وحاضرة في غالبية الأعمال الفنية، أفلام ومسلسلات، وغيرها، سواء للإنتاج العربي أو الغربي، وهذه الطبيعة، إلى جانب حالة الاستقرار التي كانت سبباً في تصدرها المشهد الفني قديماً، وحديثاً.
ولم يعد لبنان على ما يرام، وتيرة الخلافات تتصاعد بين ساعة وساعة، حرب كلامية بين القوى السياسية والائتلافية، حكومة تسيير الأعمال الحالية بقيادة حسان دياب التي تقدمت باستقالتها منذ حادث مرفأ بيروت إستجابة للغضب الجماهيري منذ عام عاجزة عن اتخاذ قرارات مصيرية، وسعد الحريري المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة يعتذر عن المهمة بعد لقاء أخير مع الرئيس ميشال عون لأسباب كثيرة.
والمشهد السابق ليس بعيداً عن تدخل الأطراف الخارجية، سواء كانت عربية، أو غير عربية التي تسعى لإرباك المشهد اللبناني، لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية، وإدخال المستقبل اللبناني في النفق المظلم، تزامناً مع سوء الخدمات الأساسية التي تكاد تكون غير موجودة في مناطق كثيرة، وهبوط العملة الرسمية لأدنى مستوياتها، في ظل تفاقم أزمة اللاجئين السوريين بها.
والمؤكد بلاشك، هو أن حل الأزمة الراهنة لن يكون إلى بتوافر إرادة داخلية، ووضع مصلحة البلاد فوق المصالح الحزبية والطائفية الضيقة التي سيدفع ثمنها الوطن غالياً، ولابد أن يعرف كل من بيده خطوة نحو الاستقرار بأن الوطن في طريق غير واضح المعالم قد يعصف بوجوده لاقدر الله.
لقد زرت لبنان أكثر من مرة، كان آخرها منذ أسابيع قليلة، وتعد بيروت من أحب البلاد والعواصم إلى قلبي، ومن الطبيعي أن ينتابني القلق على بلد عربي كان ملء السمع والبصر بجماله واستقراره، والعيش الكريم، ومن العروبة أن أكون غيورة على وطن يمثل قيمة عظيمة للجميع، وأهمية كبرى نحو الأمن العربي، نظراً للموقع الجغرافي المجاور لفلسطين وسوريا والبحر المتوسط، والأهمية الاستراتيجية للمنطقة.
إن العصف بمقدرات لبنان عبر حالة التمزق السياسي الحالية، والصراع القائم بين مؤسسات الدولة الكبرى ستتحمله النخبة السياسية كاملة دون غيرها، لأن حب الوطن يتطلب الكثير من الجهد، والكثير من البعد عن الذاتية والمصالح الضيقة، وحتمية الجلوس على طاولة مفاوضات تجمع كل الأطياف ،وصولاً إلى تشكيل حكومة تشعر المواطن اللبناني، وتشعرنا نحن العرب بالاطمئنان على مستقبل البلد.
والتاريخ لن يرحم من تخاذلوا عن أداء المهمة، ومن كانوا ألعوبة في يد الأطراف الخارجية التي لا تريد الخير للبنان، ولم يعد هناك بديل سوى التوافق على وضع قضية بقاء الوطن فوق الجميع، للوصول إلى حلول مرضية تستطيع أن تخطو بلبنان نحو الأفضل، وليس التنصل من المسئولية والهروب من ميدان المعركة.
التعليقات