الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام وهو رحلة إيمانية روحانية تسمو بالنفس، أوجبها الله سبحانه وتعالى على من يستطيع أداءه من عباده المؤمنين، وليصبح الحاج بعد أداء الفريضة نموذجا يحتذي لبقية المؤمنين، ليكون نافعا لدينه ونفسه وأهله.
والحج ضرورة واجبة وهو فريضة العمر، وعبادة كلها شوق إلى الله سبحانه وتعالى وعلى المسلم أن يؤديها كما بين القرآن الكريم، وأوضحت السنة النبوية المطهرة.
وللحج دروسا مستفادة إذا استفاد منها الإنسان، حق الاستفادة فإنها تؤثر على حياته وسلوكه وأخلاقه، وطريقه فينال ثواب الله فى الحياة الدنيا، وفى الآخرة ويقوده إلى سر السعادة الكاملة، وينعم بالأمن النفسي والسكينة، ويرفرف السلام الروحي، بأجنحته على قلبه وفؤاده فيهرب الضياع والقلق، من حياته ويمن الله عليه بالبركة فى كل شئ فى حياته فيشعر بالرضا يملأه.
ويجب على من أراد الحج أن يخلص نيته لله تعالى وأن يختار لحجه النفقة ،من كسب حلال فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ولا يكون الحج مبرورا، إلا إذا كانت نفقته طيبة فعن أبى هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ونادي لبيك اللهم لبيك نادي مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور .
ومن أجمل الفضائل التي يتعلمها الإنسان فى رحلة الحج ،الإحسان وهو فضيلة كبرى وسلوك إنساني عظيم يسلكه العبد المؤمن فى طريقه إلى الله يتأكد به معنى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لأنه من نقاء النفس وإخلاصها فى العمل والعبادة، والإحسان فى الظاهر يبدو فى الأعمال والأفعال فإذا أتقن الإنسان عمله وما كلف به بأمانة من حقوق وواجبات
الحج هو إحدى العبادات التي تتميز بعطاء يختلف من شخص إلى آخر، وفيه تتجلى الفيوضات الربانية، وبه يتغير العبد المؤمن سلوكا وخلقا، فيمنحه الله عزوجل البركة فى حياته.
إن آثار رحلة الحج عظيمة فى حياة الإنسان ومتنوعة ولها الأثر الفعال، ومنافعها يشهدها كل من يحج بيت الله الحرام.
ومن الدروس المستفادة من الحج ولها أثر كبير على الإنسان والآخرين (التعاون )، ففي الحج نعرف معنى التعاون وقيمته حيث يتحد الجميع فى مساعدة أى حاج يحتاج إلى العون سواء كان مريضا أو مسنا أو أى امرأة أو أى حاج يحتاج إلى الإرشاد والعون فى أى شئ .
وفى التعاون تتجلى أمامنا قيمة الحب، والمودة والسلام والبعد عن الكراهية والحقد والغيرة والإخاء، . وللتعاون أهمية كبرى فى نشر الوحدة، بين الأجناس والأمم والطبقات مما يخلق جوا من الألفة بين الناس .
والحج جهاد يسعى إليه الإنسان تقربا إلى الله ولمرضاة الله ومن صفات الجهاد الصبر والهدوء والحكمة ، والثبات والقدرة على التحكم فى الانفعال، وكلها مواصفات تتطلب سلوكيات خاصة، وأخلاقياته وسماته .
وكما يدرب الحج الإنسان على الصبر يدربه أيضا على الشكر والصبر برضا يكون مقرونا دائما بحمد وشكر الله عزوجل فى السراء والضراء .
ومن أخلاق الحاج حسن الخلق، وطيب المعاشرة وأن يكون متقيا لله عز وجل في سره وجهره وفى قوله، وعمله فتقوى الله هي سر العبادة وأساس السعادة، وفي الحج تتجلى آيات الشكر والحمد لله سبحانه وتعالى، حيث يكثر الحاج من حمد الله عز وجل على نعمه وفضله .
ومن أكبر النعم التي يحرص الحاج فيها على شكر الله نعمة الحج، حيث أعانه الله وفتح له باب الدعوة إلى الحج، ووفقه وأعانه على الحج . وعندما يصل الحاج إلى درجة الصبر على الأذى، يتسم بالهدوء ويشعر بالود مع كل شئ ويبدأ يسعى إلى محاولة التحلي بالأخلاق القرآنية والآداب، الإسلامية ويجب أن يكون المسلم قدوة فى سلوكه،ما دام مقرونا بدين الإسلام .
والحج يدرب الإنسان على كظم الغيظ، والصبر على الأذى ،حيث يتعرض فى رحلة الحج من شدة الزحام إلى أفعال كان من الممكن أن ينفعل فيها ويعترض ويتأفف ولكنه حبا لله ومرضاة له وحده يتعلم كيف يكظم غيظه ويصبر على من آذاه . ونستفيد من الحج ألا نقول إلا الطيب، ولا نعمل إلا الصالح، الذي يرضى الله فالصفح والعفو والكلمة الطيبة من أبواب الحب، والرحمة والنورانية والشفافية والصفاء .
فغاية الحج أن تكون الصلة بين الإنسان وربه، صلة ممتدة متصلة لا تنقطع أبدا لأنه وصل نفسه بربه سبحانه وتعالى بالطواف، والسعي حول رموز جعلها الله تعالى رموزا للطاعة والعبادة،.
كما أن الحج يعتبر تدريبا للإنسان المسلم على تطبيع سلوكياته وأفعاله مع أوامر الله ونواهيه بعد العودة من أداء شعائر الحج.
بحيث تكون أعمال الإنسان كلها خالصة لوجه الله تعالى ولا يفعل إلا طيب الفعل ولا يتحدث إلا بطيب الكلام ولا يتحلى إلا بمكارم الأخلاق حتى تكون علاقته بخلق الله تعالى علاقة طيبة كريمة .
وحيث يحقق المراد من فريضة الحج، التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفضل الأعمال، حينما سئل عن أفضل الأعمال فقال :إيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله ثم حج مبرور.
ويجب علينا أن نتعلم كيف يمتد أثر الحج، إلي البقية الباقية من عمرنا . بل نريد أناسا يعيشون معاني الحج وأخلاقه بقية عمرهم .. هذا هو الحج الصحيح، ..وهذا هو الحج الأبدي الخالد .وليعلم كل إنسان إن الحج لن يكون مبرورا إلا بالالتزام بأوامر الله ونواهيه وتجنب المعاصي.
والتحلي بحسن الخلق وكرم النفس وتجردها من كل ما يغضب الله ويؤذى خلقه، فالحاج الذي فارق الأهل والبلاد وتلك الأعمال واكتساب الأموال والاستزادة من الربح في سبيل الحصول على ربح اكبر وأسمى وهو رضوان الله، وغفران الذنوب لابد إن يأخذ في اعتباره أن ذلك لا يتحقق إذا لم يكن شديد الحرص على التحلي بهذه الآداب والأخلاقيات بعد عودته .
أسأل الله العلي القدير أن يوفق المسلمين لحسن الإفادة من حجهم إلى بيته العتيق، وأن يتقبل عملهم بقبول حسن وأن يغفر لنا أجمعين، يجعلنا من عباده المتقين الذين يستمعون القول، فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.
التعليقات