كلما يزداد عمر الشجرة يزيد جلالها وتزدان بقوتها، تراها أجمل وأقوى وأكثر بهاءً؛ كذلك الإنسان.
يكتمل البهاء داخلنا كلما تقدم بنا العمر، أنت جميل بقدر تبسمك في وجوه أحبائك، سخيّ بقدر عطاء أفرزه قلب حيّ يخشى السكون وقت احتاجك.
عدد مرات الجبر التي أنارت حياتك تنبئك دومًا عن بشر أحببتهم بقلبك كيفا.
تقدمك بالعمر من أجمل عطايا الله لك، فتُمنح الحكمة ويُسلب من داخلك البغض فتغدو مطمئنا.
كلما تقدم عمرك تتعلم الترفع عن الصغائر وتحترف تجاوزها لمعرفتك أنها ما يحجب عن قلبك النعيم.
أنت اليوم تعرفت أكثر على من أحببت واقتربت فأحببت ما رأيت؛ لعلك الآن رضيت فقررت كيف توّثِق لحظات الحب وتحبسها داخل روحك، تسحب منها رصيدًا باعتدال.. فتتزن.
أنت الآن أولى بنفسك وتعلمت كيف تصبح أولى لقلبك. تعلمت كيف تمر على الشدائد وكيف تغلف روحك انطفائها. تعلم جيدًا أن حزنك عمره قصير وأن الفرح ينير وجهك ويضيف سنوات لعمرك فتتضاعف السعادة داخلك ويكسو الأمل وجهًا قد تكون يئست يومًا أن تراه منيرا.
تعلمت كيف تنتقي وتفرز العابرين من خلالك، تعلمت أيضًا أن من يستطيع أن يمشي بجوارك أفضل ممن يتقاطع معك؛ الأول تستمتع معه ببهاء الرحلة، أما الآخر فيمر من خلال قلبك ولا تكاد تستبيّنه.
عمرًا قضيته بالمحبة يستحق أن تفتخر به.
تستحق اليوم أن تفتخر بمعظم ما قدمت، لكم كافحت أن تستمر إنسانًا، ناضلت الخيبات والكسر والتنمر.. لم تقف عند أحد ولم تكن تتذمر.
من رهن عمره لله فما خاب رجاه؛ فما دام الله بقلبي لا يقدر على كسري بشر. اعتمدت عمري على أقوى سند ورميت عليه حمولة قلبي؛ تُرى كم مرة أنصفني؟
كل المرات!!! ما رد لي دعاء قط!!!
ولا يوم رد عليّ دعوتي وما أغلق يومًا بابًا أطلت عليه ناصيتي. كان هناك وقت ناجيته ولطالما أحببته وكان لي السند والرجاء، تراني في أشد أيام ظلمتي مطمئنة لأن من بعث النور بقلبي مدده لا ينتهي.
هنالك اطمأن قلب كانت الحياة قادرة على سحقه. أن تتعلم بالممارسة الحذِرة خيرٌ لك من أن تتألم لتصل لنفس الهدف.
اقترب منه رويدًا رويدا فالله يحب لقاءك ويستمتع بدعائك؛ هو دومًا ينتظر سماع صوتك لأنه صنعك على عينه.
لك الشرف والفخر أن تكون صنيعة الإله الأوحد.
ويزداد عمرك.. فتدرك كم الروعة التي أضيفت لحياتك وكم الجودة المتقنة التي صُنعت منها ذاتك، تقف مذهولاً عند الإعجاز الذي صُنع به قلبك.
خلق لك القلب وعلمك الحب وصلب ظهرك لتتيقن لماذا خُلقت.
اجتهد أن يجدك دومًا في الوقت والمكان الذي يحب أن يراك عليه فيحبك ويزداد تعلقك برب علمك رغمًا عنك كيف تصبح أفضل إصدار من نفسك. لم يكتف بذلك وظل يباهي بك خلقه حتى تصبح في أهل السماء مشهورا.
ألا تستحق أنت تكون ذاك الجميل؟ ألا تغار أن يسابقك إلى قلبه غيرك؟ ألا تطمع أن تكون لديه محمودا؟ ألا تأمل أن يحتفل أهل السماء بلقائك؟ ألا تحب أن يُجِلّك بمحبة أهل الأرض والسماوات؟
إن كانت إجابتك النَعَم الذي أحبه، فلتعاهد قلبك أن تظل دومًا إنسانا، أن يرتاح الأحبة تحت ظل بستانك، أن يجدك دومًا حيث أمرك وعلى ناصية البر الذي فيه أقامك.
أنت تستحق بعمرك هذا أن تغدو مطمئنا، فكن لغيرك القدر الذي تتمنى أن تتلقاه.
أحبِب نفسك واطمئن للخير بقلبك واكتنز الخير فيك، لتغدو كريمًا وتطمئن على عمر أفنيته عظيما. دوما اكتفِ بما رزقك.
ربي آنسني إذا يومًا غلبتني وحدتي. كن لقلبي ونيسي واقهر بلطفك غيمة أصابت قلبي فأطفأتني. إلهي وسيدي ومولاي.. يا الله أجعل الزيادة في عمري قربى لطاعتك واجعلني إليك أحب عبادك، ربي اجعل قوتي من قبس نورك فلا يكسرني بشر ولا يسحقني غدر ولا يصيب قلبي شر.
ربي أحببتك وأنت تعلم.. فاجعل حبي لك قربى تقبلني بها وتصون روحًا أيقنت بمرور عمرها أنك ستظل دومًا من يحرك الخير فيها على نحو مرادك، ليغدو قلبي الذي خلقت أحب إليك من كل عبادك.
أعلم يا خالقي أني في حبك شديدة الأنانية لكنك سبحانك من علمتني أن من يقف على بابك يغترف بِنهَم كمن يشرب ماء البحر ولا يشبع. فهل تقبل يا إلهي روحًا تتمنى العيش دومًا تحت نظرك؟
التعليقات