فى الأغلب لا يدرك القوى مدى قوته أو لنقل أنه أحيانا لا يجد الشجاعة لتجربة قوته ومداها على من حوله وفى الأغلب أيضا تلك المعضلة تعانى منها النساء فى كل المجتمعات وعلى الأخص المجتمعات العربية.
قال الدكتور أيمن هانى استشارى أمراض النساء والتوليد بطب قصر العينى، إن الحمل عبارة عن رحلة من الآلام تبدأ مع بداية معرفة المرأة بها من خلال ألم شديد فى الحوض وتردد كثير على الحمام خلال اليوم، وتنتهى بوجع من أعظم الآلام يعادل فى قوته بتر إصبع بدون مخدر. هل من تملك تلك القوة الجسدية لا تملك القوة لتتغير وتٌغير؟
لقد وهب الله المرأة تلك القوة الجسدية لتحمل ألالام المخاض ومع ذلك مازالوا يتحدثون عن أعمال يحتكرها الرجال لاتقوى عليها النساء!
فى شهر مارس حدثت عدة أحداث تتمحور كلها حول المرأة وتقودها المرأة ، لتغير العالم ومفهومه نحوها وتشكل فكرا جديدا ورؤية تنفى ضعفها وقلة حيلتها التى تربينا عليها كثقافة مجتمعية.
مهما إختلفت الروايات بشأن تاريخ يوم المرأة العالمى هل هو عام 1857 أم عام 1908 بالولايات المتحدة الامريكية ما يهمنا هنا هو الحدث نفسه وخروج النساء العاملات ثائرات ضد الأوضاع اللأنسانية التى يعيشونها هم وأبنائهم فى مصانع لا توفر أبسط قواعد الأمان والصحة لهن وخروجهن بالورد والخبز كتعبير عن السلام والحق وكيف تغيرت مكانة النساء بعد هذا الحدث ليصير يوماً عالمياً نحتفل فيه كل عام بالمكافحات الثائرات فى كل العالم .
ونأتى للمرأة المصرية التى تعيش بالمجتمعات الشرقية المنغلقة التى تعتبرها عيبا فى أغلب الاحيان وقت أن خرجت بجانب الرجل لتقاوم المحتل الغاصب حيث سقطت في يوم 16 مارس 1919 مجموعة من الشهيدات المصريات هن (نعيمة عبد الحميد، حميدة خليل، فاطمة محمود، نعمات محمد، حميدة سليمان، يمنى صبيح) يغفلهن التاريخ أحياناً.
هل هؤلاء النساء كن يدركن قوتهن فى ذلك الوقت ؟ أم وجدن الفرصة فإنفجر البركان وقامت العنقاء من مكمنها؟.
النساء قوة لا يستهان بها وللاسف يتم تربيتهن فى المجتمعات الشرقية على الضعف وإنه من مقومات الأنوثة المطلوبة حتى يميل الرجل ويعجب بها ونجد محاربة للمرأة الذكية وأنها وبالاً على الرجل وأنه قد يعشقها ولكن لا يتزوجها.
وفى خضم إحتفالات شهر مارس بالنساء خرجت بعض الأصوات الذكورية تطالب بالمساواة مع النساء بنبرة ساخرة أنهن أخذن أكثر من حقوقهن أوإنتزعن حقوق الرجال تدعمهن بعض الأصوات النسائية الرافضة للتغير.
دعونا هنا نتحدث بالمنطق هل المساواة هى العدالة ؟ فالمساواة أن تعطينا جميعا نفس الحقوق ولكن العدالة أن نملك جميعنا نفس الوسائل المساعدة للعبور وإجتياز الطريق والفارق بينهما أبعد ما يكون.
فالمرأة تعمل مثل الرجل ولكن عبء رعاية الأبناء يقع عليها بالأساس ولم توفر أغلب المنشأت الحكومية والخاصة حضانات مرفقه بها كما تقر أغلب القوانين فى أغلب الدول حتى تساعد النساء المعيلات على المساواة لتحقيق العدالة فى الحقوق وهذا على سبيل المثال وليس الحصر.
يشترطون للعمل فى بعض الأماكن مواعيد عمل مسائية متأخرة ولكن لايوفرون وسيلة مواصلات مناسبة للنساء العاملات وبالتالى يحجمن عن التقدم للعمل وهذا ليس عدلا ولكن صاحب العمل حقق المساواة من وجهة نظره وأعطى الفرصة للرجل والمرأة للعمل وبشهادة الجميع فمن يعترض!.
العجيب فى إحتفالات عيد الأم والتى تتم يوم 21 مارس من كل عام أن يسارع الرجال بتهنئة أمهاتهم وفى تقديريهم ويسردوا إنجازاتهم وكفاحهم مع الأسرة وفى الأغلب تكون إمرأة معيلة أو أرملة قامت على أكتافها مسؤلية إكمال المسيرة مع الأبناء ونجد أغلب هؤلاء الرجال لا يقدم نفس التقدير لزوجته أو أخته أو إبنته أو زميلته فى العمل حتى لو كانت أما مثل أمه.
هنا نجد التقدير صورة ثابتة للأم فإذا تزوجت بعد زوجها لم تحظى بذات التقدير وإذا كانت مطلقة تنخفض نسب تقديرها وذلك لنمطيه الصورة التى تربينا جميعا عليها.
يدرك أغلب الرجال قوة النساء الكامنة لديهن ولا يدركها النساء إلا وقت الأزمة أو التحدى ولذا فى الأغلب نجد خوفا منها أو لنقل تخوفا من إدراكها هى لقوتها التى لو أظهرتها لوجدنا نماذج تفوق التخيل فى الكفاح والصمود أمام موروثات عتيقة وعادات وتقاليد تغلف فى أغلبها بالسوليفان وتستخدم مفردات مثل الحماية والرعاية حتى يرضى عنها المجتمع ويروج لها .
فالمجتمعات الشرقية مازالت تتحرك فى مربعات تعتبر النساء ناقصات عقل ودين وتسوق لذلك بكل الطرق وأجد ذلك تخوفا من قوتنا الكامنة والتى لها نماذج لا تعد ولا تحصى تبرع فيها النساء سواء فى المناصب القيادية أوإداراتها لمنزلها فالمرأة التى لا تعمل ولكنها ربة منزل – تعمل ــ أيضا ولكن بدون أجر ولا يعترف المجتمع بها كإمرأة عاملة ، مع أن العمل داخل المنزل يعتبر أشد صعوبة فى أغلب الأحيان من العمل خارج المنزل لأنه ممتد فليس له ساعات عمل محددة وليس له وصف وظيفى ولكنه شامل كل ما تتخيله من تلبية إحتياجات الأسرة جميعا . فما بالكم إذا كانت تعمل خارج المنزل بجانب كل تلك المسؤليات؟.
ولا أجد نفسي متجنية إذا ذكرت أن عدد قليل من الرجال يستطيع أن يعمل داخل منزله وخارجه وأجد أن تلك العبارة ستكون الوحيدة التى سيتفق معى فيها القراء من الجنسين.
فالرجل يكفيه العمل خارجا ليجمع لأسرته ما يكفيها من الإحتياجات ويتعب ويجتهد ويشقى فى ظروف إقتصادية وإجتماعية صعبة ولا نصادر كفاحه ولكنه يعود ليجد فى منزله كل طلباته مجابة ولا يقع عليه عبء العمل داخل المنزل أو رعاية لأطفاله وذلك فى الأغلب – حتى لا ٌنتهم بالتعميم- ولنتخيل معاً إمرأة تقوم بكلا الدورين ولا تجد التقدير المجتمعى أو القوانين العادلة التى تهون عليها مصاعب الحياة.
فلنُحى كل النساء العاملات بالمنازل وخارجها ولنُقدر كافة النساء المكافحات الصامدات رغم قسوة الحياة ولنحترم النساء الطموحات وليكن الاحتفال ليس يوماً أو شهراً أو عاماً فلتكن ثقافة مجتمعية نحترم فيها الأخر ونقدره بغض النظر عن نوعه أو مكانته.
التعليقات