ينامُ الناس ويستيقظون ولا همَ لهم سوى ملاحقة الخبر السار الذي يؤنس وحشتهم و يفك عرى ذعرهم بأن تعلن إحدى الدول أو أياً من مراكز الأبحاث اكتشاف عقار يحمي الجنس الآدمي من جائحة كورونا، إن تعلقهم بالأمل أمر مشروع وشيئ إيجابي وهو خيرٌ من التشاؤم والخوف خاصة و إن أمد الأزمة طويل ومجهد بالفكر والتفكير .....
إن الله وحدهُ وبعلمهِ هو القادر على صرفِ هذا الوباء وما علينا سوى الدعاء والابتهال له ، فالابتهال والإلحاحُ بالدعاء هو من أهبطَ طائفةً من الملائكة نحو الأرضِ كي تؤازر المستضعفين يوم بدر وتكتب لهم انتصاراً خلدهُ التاريخ و كان نواةً صلبة لنشوء الدولة بعدما خشو فنائها للأبد، فكل الدلائل كانت تشير لهلاكِ الفئةِ المستضعفة وانهيارها ، لكن الله مدهم بالملائكة فإنتصروا ذاك اليوم أيما انتصار ، والذي ثبت ورسخ الثقة والروحَ الإيجابية في نفوس المؤمنين، كذلك حينما هرب موسى ومن معهُ من المستضعفين ليكون البحر سداً أخيراً أمامهم والعدو الباطش يزحفُ بشراسةِ الملتهم من خلفهم فأيقن الجميع بأنهم مُدرَكون لا مُحال، ومن كان يتوقع وقتذاك أن ينفلق البحر كيما يعبر المؤمنون من خلالهِ نحو أرض سيناء و ينجيهم الله ببركةِ قلوبٍ كسيرة ابتهلت للهِ فكان الفرج و الفتحُ الإلهي ملبيا و حاضرا لهم .....
كثيرةٌ هي القصص و الأمثال عبر أسفارِ التاريخ والتي حدثتنا عن قبسِ النور المنبثق من عتمةِ الكهفِ الظليم والذي أولدَ نوراً نحيلاً فاستحال لضوءِ نهار تنجلي من خلفهِ دياجير العتمة.... قد يُعزيها البعضُ لنشوءِ المعجزة فيسوقُ عليها صفات قاسيه و يصبغ عليها من كلامٍ ذي بطانةٍ مكتئبة يائسة أو إلحادية لا تُرى فيها أي إنفراجٍ أو بصيصِ أملٍ يخرجُ في زمنٍ مستحيل ليكون طوقَ نجاةٍ لبلوغِ شاطئ الأمان ، فيستمرِ بالتصدي لأي حل أو حتى مجرد فكرة بسيطة يُستجدى منها حل لجملةِ المشاكل المعقدة ، هذه الفئة لا تبرح عن استخدامِ التاريخ والجغرافيا أحياناً فتستنبطُ من التاريخ قصصاً لأممٍ هلكت وترى من الجغرافيا فقط رقعاً لدولٍ و حضارات فنيت وتآكلت جراء وقوعها في فكٍ مفترس لجائحة أو لربما زلزال أو حاقة نزلت بها ، من حيثُ القبول بالأمثلة قد يكون ذاك القول مشوباً بالحقيقة و لكن بالمقابل كم من رحمةٍ إلهيةٍ نزلت في خضمِ الأزمات فكانت نجاةً و برداً و سلاما على العباد والبلاد ، حتى لو قالوا عنها معجزة ألسنا جميعنا منذ خلق الكون إلى يومِ البعث محاطين بالرحمات والمعجزات من الله ونحتاج لها، فما المعجزة إلا صورةً من صورِ الرحمة الإلهية تأتي في وقتٍ يركن فيهِ الناس لهوى أنفسهم معتقدين بأنهم فانون لا مُحال و أن القول قد حُقَ عليهم ثم تكون مشيئة الله سابقةً لقنوطهم الشديد فتقع المعجزة.
إن من صلبِ إرثنا الديني تسليم المشيئة لله إن أُخذت الأسباب أم لم تؤخذ ، وثمة حديثٌ شريف يقولُ بما معناه بأن الجن و الإنس لو اجتمعوا قاطبةً لإحلالِ ضررٍ على فرد أو عُصبة أو أمة بشيئٍ لم يشئهُ الله فلن يقع البتة والأمر يقبل العكس لاجتماعهم لخيرٍ أرادوه فلن يقع مالم يأذن به الله و يقره ، وما هذا الحديثُ النبوي إلا تجسيداً و تخليداً لمعجزات الله و رحماته التي تأطرنا من كلِ اتجاه ، فما علينا سوى الاجتهاد لدرء الضرر مع ادراكنا بأن ذلك بأمر الله و علمه فكما بدء سينتهي حتى لو كانت نهايتهُ غير ما نبتغيه ، ولكن قد يكون العُسر حالياً يُسراً لأصلابنا في الايامِ القادمة.
إن معجزات الله تجوب الكون آناء الليل وأطراف النهار في كلٍ وقتٍ ومكان وليست مشروطة كما يقول البعض بوجود نبي أو رسول أو ولي بين ظهرانينا ، فالمعجزات ليست فقط أمراً مخصوصاً للأنبياء وحدهم لكنها من أدواتهم كما أنها قد تكون من أدواتِ الزنادقة والفاسقين أحيانا كالسحرة والمعجزات التي حدثنا عنها الرسول والتي ستكون بيد الدجال آخر الزمان حتى يكون الإختبار الأخير لعصبةِ المؤمنين قبل وراثة الأرض، لذلك نحن بين المعجزات دائما وقد يأذن الله بها في أي لحظة فتكون هي المغلاقُ الحتمي لرحلة العذاب هذه وما ذلك على الله ببعيد.
لندع نظرية المؤامرات جانباً و لنوقف انهمار الأفكار السلبية الفظيعه بعقولنا قليلاً والتي تفترض كل ما هو سيئ وماحق لنا فلو صمت المتفيقهون قليلاً في هذه الظروف لكان خيراً لنا ولهم ، ولنستمر بالإعتقاد بأن ما عند الله خير حتى لو كان هذا الخير مسربلاً برداء الضرر لكنهُ بالنهايه خيرٌ لنا ، ولنترك لمن يسحق عيناه تحت المجهر مراقباً لنشاط هذا الفيرس العجيب وهو يحاول اكتشاف الدواء أو اللقاح له دون أن نلج عليه ، ولنبتهل إلى الله بقلوبٍ كسيرة محتاجة لرحماته و معجزاته ، حينها بإذن الله سنعبر هذه المحنة جميعنا و ستنقشعُ تلك الغمامة السوداء التي تلبدت بها سمائنا الصافية و ستكون هذه الجائحة شيئاً خلف ظهورنا وأمراً صار بالماضي لا استحضار لذكراه إلا إذا أردنا تذكير من هم من بعدنا بأن المستحيل قد يتحقق فقط إذا اجتهدنا وبدئنا من أنفسنا أولاً وخلعنا عنها كل قنوطٍ ويأس و وثقنا بالله وحده فمن أراد لعجلة الاقتصاد أن تقف و للأبدان أن تعيا و للأفرادِ أن تتباعد هو القادر على زوال هذا الأمر حينما يشاء.
التعليقات