جميعكم يعلم أنه بعد انفصالي عن زوجي بقيت بالخارج، فعملي وحياتي كلها هناك لم أستطع بدء حياة جديدة في مصر ؛ فهذا سيتطلب مني مشقة الحصول على عمل ومسكن إلى آخره لا أريد أن أعيش معاناتي مرتين أتممتها في لندن وأعيد الكرّة في مصر لذا قررت أن أستقر هناك , تعرضت لقصة حب فاشلة ولا أعلم حتى الآن سبب فشلها . انسحب من حياتي بهدوء فجأة لم أجده رغم بحثي الطويل عنه كل ما أعلمه أنه حي ويمارس حياته وعمله بشكل طبيعي، لا تطلبن مني الإفصاح عن تفاصيل تلك القصة أخشى أن أنبشها فتؤلمني، المهم أثناء بحثي حدث شيء غريب!
(عندما قلت ذلك اتسعت حدقاتهن وأذنهن) لماذا تحولتن إلى أذن وعيون هكذا؟
رحمة : أكملي كفاكِ تشويقا
حسناً حسناً انصتي سيدتي الجميلة, التقيت بصديق يدعى ماهر عبر شبكة التواصل الإجتماعي وبعد تعارفنا بفترة وجيزة اكتشفت أشياء مشتركة بيننا كنوع قراءتنا وتقييمنا للأمور, اهتمامنا بالإشارات القدرية ومحاولة فهمها , قراءة مابين السطور في تعليقاتنا ورسائلنا . شعرت أنه توأمي من أم غير أمي رغم أنه يصغرني بثلاثة عشر عاماً, لم أشعر على الإطلاق بذلك الفرق بل كنت أشعر أحياناً أنه يكبرني مع كل موقف أرى فيه نفسي بل وأرى فيه من أحببت, ويرى هو نفسه فيّ كنا نفترب أكثر وأكثر, أخبرني عن صندوقه (هابي بوكس) الذي يدون فيه كل لحظة من حياته سعيدة أم حزينة على وريقات صغيرة وعندما يشعر بضجر الحياة يسحب ورقة ويقرأ مافيها فيساعده مايقرأه عن الخروج قليلا من معتلج الحياة , وأخبرته أنا عن سردابي ولكني لم أخبره عن كل مافيه فبعض الأماكن بازخة الحزن لم أجرؤ على الإقتراب منها,, ظللنا هكذا إلى اليوم الذي صرح ليّ فيه بحبه هزني ذلك التصريح وأحزنني وبعد وهلة من الصمت أجبته بصوت ممزق (أنا لا أصلح للحب) لم يُجب وساد صمت بيننا طويل وكأنه كان ينصت لقلبي وأنصت لقلبه أقرأ الكلمات بين أنفاسه دون أن يتفوه بها وأعلم أنه يفعل الشيء نفسه,
سمع قلبي عندما قلت (ليتني أستطع أن أحب, كيف أحب وقلبي ليس معي ؟) وقال قلبه (كنت أعلم أن فارق السن سيروعك) وتساءل قلبي (لماذا أجد الروح المناسبة في الشخص الغير مناسب والأن بالذات بعد أن فقدت قلبي)
ظللنا هكذا في حوار صامت قلوب تتحدث دون أن تتفوه الألسنة بكلمة واحدة واستكملنا الصمت إلى أن ترك كل منا هاتفه وذهب في عالمه.
أوقفنا التواصل بضعة أيام ثم هاتفني مرة أخرى ترددت قبل أن أجيب الهاتف، اكتشفت أني افتقدته كثيراً لا أدري لماذا؟
وحشتيني هذا أول ماتفوه به فزاد ارتباكي وصمتي لكن قلبي كان يهمس أنا أيضاً افتقدتك كثيراً لكن ليس بنفس الإحساس الذي تعيشه أنت, أردف وكأنه يسمعني كالعادة يسمع قلبي عبر أنفاسي,
أعلم أنكي افتقدتينني ولكن فقط كصديق فريد أنا لا أريد سوي أن أظل في حياتك بأي شكل تختارينه صديق, أخ, حبيب, حتى لو جار, فضحكت فكيف يكُن جاري وأنا لم أراه قط ولم نلتقي أبداً .
قال لي عندما سمع ضحكتي: هكذا أريدك دائماً .
ظللنا هكذا وعاد تواصلنا أكثر من الأول أهاتفه ويهاتفني (أخذت نفساً عميقاً ثم واصلت سرد قصتي عليهن)
نتعثر في أحدهم بغتة فينبش قبرالفؤاد, يحيه بتعويذة سحر يمتلك خلجاته, يهيم الفؤاد بين يديه كالوليد إلى أن يمتلك كل خيوطه كأنه مائدة أنزلها الله من السماء على قلب طال صيامه لتكون له عيداً .
اقتربنا أكثر وأكثر إلى أن أطلعته على مايخفيه فؤادي ويخشى البوح به أخبرته عن العقبة التي تقف بيني وبينه, عن قصة حبي الوحيد التي انتهت وغلّقت من خلفها الأبواب لكني لم أستطع البوح باسمه فبعد أن بحت له وأدخلته سردابي وصلت إلى حالة من الإنهيار التام,
أما هو ظل صامتاً ينصت لخفقان قلبي وبكى قلبه حد الإهتراء.
هذه الواقعة جعلتنا نقترب أكثر وأكثر كانت علاقتنا غريبة أكثر من الصداقة وأقل من الحب لم أعد أعرف ماذا أطلق عليه أهو صديقي ؟ أخي ؟ حبيبي ؟ ملاذي ؟ أم سردابي الذي أهرول إليه كالطفلة عندما تخذلني الدنيا أعري روحي أمامه فيدثرني يكفكف دموعي ويربت على كتفي فيرد إلي روحي التي لا ألتقي بها إلا معه فلا أجرؤ أن أكون نفسي أمام أحد سواه, فأنا كما تعلمن من الذين يظهرون القوة أمام العلن دون أن تفضحهم أعينهم .
لكني مع الوقت انتابتني حالة من تأنيب الضمير وشعرت أني أستغل حبه وقلبه والشبه الكبير بينه وبين من أحببت وأخبرته أنني سأنسحب وبالفعل انسحبت لم أجب على اتصالاته لبضعة أيام فأرسل لي رسالة, لحظة انها لازالت معي في الهاتف, سأقرأها عليكن :
سأظل معولك على الحياة حتى لو تزوجت بأخرى فأنا سندك وأنتي سردابي الذي لا أستطع العيش بدونه ففي محرابك سيدتي أكون أنا .. أنا فقط مجرد من تلك الأشياء التي نختفي خلفها حتى لايرى الأخرون ضعفنا, تعلمت منك كيف أكون أفلاطونياً وسردابنا هو المدينة الفاضلة فلاتخرجيني منها .
أمل: أكملي نسمة
هذا فقط ماكتبه لي يا أمل
حنين: هل رددتي عليه
نعم حنين أرسلت له بهذا الرد:
حاولت أن أحبك لكني لم أستطع قلبى ليس بحوزتي إنه يرقد بين أضلع غيري وغيرك تمرد عليّ واعتاد العصيان.
فأرسل ليّ: يكفيني منك أن أراكِ سعيدة أن تظلي في حياتي بأي صورة ترضينها حتى لو كانت سراباً في سرداب.
- أنا لا أحتاج لسراب بل أحتاج أن أهرب إلى الداخل أحتاج لصوت يصرخ في أذني يفصل بيني وبيني يخبرني من أنا عندما أنساني .
_أنا ذلك الصوت فقط اسمعيني.
-لا أريد أن أصاب بالحيرة وأظل عالقة في المنتصف لا بقيت كما أنا ولا أصبحت غيري, أحتاج أن أتحرر من قيودي ووسائدي المبللة وأطلق العنان لتنهيدات عالقة في صدري.
_أنا هنا لأمسك بيدك وأجفف دموعك وأربت على كتفك.
ظللنا هكذا مابين رسالة وأخرى عاد بيننا التواصل على أي شيء وعلى كل شيء, وبالمصادفة علمت أنه صديق لعائلة من أحب!
رحمة : (يانهار أبيض)
-فعلاً يارحمة.
حنين:(الحكاية أصبحت دسمة وفي حاجة لبعض المقبلات, انتظري لاتتفوهي بكلمة ريثما أعود)
عندما علمت ألجمني الصمت وتزاحمت في رأسي علامات الإستفهام,
هل هذه رسالة قدرية ؟ أم باب أمل جديد ؟ لماذا هو ؟ لماذا ألتقيته اذاً ؟
بينما أنا في خضم الأسئلة بين عقلي وقلبي وجدت ماهر يجيبني: نعم سأصلح مابينكما .
ألجمتني كلماته ولم أستطع الرد هل أرفض أم أوافق ؟
لكني وافقت وبدأ يعطيني وعوداً بترتيب لقاء بيني وبين من أحب، كل ما أردته من ذلك اللقاء هو ايجاد الحلقة المفقودة في علاقتنا لم يكن هدفي الرجوع حينها ولكن فقط اريد إجابة لكل التساؤلات التي تؤرقني. وبدأ يحدد موعد وقبيل الموعد يتعذر بأعذار لم تقنعني لكني استمريت في التصديق الظاهري كنت أريد أن أعرف لماذا يتصرف ماهر هكذا لماذا يعزف على أوتار الوجع ؟
وفي تلك الأثناء تقدم لخطبة احداهن فرحت من أجله وتخلصت من عقدة الذنب التي تخنقني وكنا نختار سويا الهدايا التي يقدمها إليها حتي عندما يتعرض لبعض المشاكل معها كنا نتناقش في وجود الحلول لتلك المشاكل .
ظللنا هكذا شهوراً كنت أحاول أن أنسحب بهدوء ولكن عندما كان يشعر بذلك كان يخبرني بأنه حدد موعد مع من أحب رغم علمه بأن ذلك لم يكن حقيقياً لكني لم أستطع جرحه أو مواجهته, تركت الأمور هكذا تسير دون أي تدخل مني إلى أن وجدته يبتعد دون مبرر وأخبرته بذلك (أشعر أنك تبتعد ولكن حسناً فلايصح إلا الصحيح)
_أنا لم أبتعد ولكن لدي بعض المشاكل.
-ماهر إن تلك المشاكل كانت دائماً سبب تواصلنا كنا نتحدث في كل شئ وأي شئ نتعرض له مهما كان صعباً أو حساساً أو مؤلماً.
_صدقيني لاشئ فقط مشاكل .
-حسناً أعانك الله على ماتتكبده.
الغريب أنه بعد ذلك لم يزداد إلا بعداً، فقررت أن أبتعد أنا الأخرى حتى لا أكون له عائق في أن يحيا، لكنه عاد وهاتفني ورماني بما ليس في من الصغائر والكبائر أني تخليت عنه ولم أقف بجانبه في محنته.
ماهر عن أي محنة تتحدث أنت من انسحب من حياتي دون مبرر ومشاكلك ماهي إلا إدانة وليست عذر ولكن حسناً اذاً كانت إدانتي هي العذر التي تبحث عنه لإنسحابك فلا بأس, فأنا لا أتمني لك إلا حياة سعيدة.
وهكذا انتهت كل القصص ولازلت أشقى بقلب لين كالعجين كلما لامسه أحدهم غار فيه وترك بصمة قبل رحيله ومع مرور الوقت تتحول تلك البصمة إلا ندبة يصعب التخلص منها, هنيئاً للذين يتمتعون بقلبوب صلبة لاتنطبع عليهم بصمات الأخرين.
التعليقات