ليست القوةُ في الجلبة، ولا في الإعلان، ولا في كسر الأبواب عند الرحيل.
بل إن أعظم القوّة تكمنُ في الصمت… في قرارٍ يُتّخذ بينك وبين نفسك، أن لا عودة. أن لا نظر للوراء. أن لا رجاء في ما سقط منك عمدًا أو عنوة.
هي… إن أرادت أن تتجاوز أحدًا، تجاوزته كمن يطوي صفحةً في كتاب، لا تلطّخها، لا تمزقها، فقط تطويها… ثم لا تعود إليها أبدًا.
تتجاوز مكانًا، ذكرى، ملامح، صوتًا كان يؤنسها، ثم تصير كل تلك الفوضى خلف ضلوعها مجرد سطرٍ من الماضي لا يُستعاد.
تملك من الصلابة ما لا يُرى، ومن الرقة ما لا يُستهان به.
لا تصرخ حين تُخذَل، لا تتوسل حين تُهان، لا تفتح الأبواب التي أوصدها غيرها… بل تمضي.
يمرّ الناس على روحها مرورًا مختلفًا، فمنهم من يُقيم ومنهم من يُنسى… لكنها وحدها من تُحدّد مصيرهم في قلبها.
وحين تُقرر أن لا مكان لهم… فإنهم يتلاشَون كما يتلاشى الحبر عن الورق… بلا ضجيج، بلا انتقام، بلا تبرير.
تغلق الدفاتر… وتبدأ من جديد.
كأن شيئًا لم يكن…
وذلك هو قمّة القوّة:
أن تختار نفسك، دون أن تحتاج لأحد أن يختارك.
في داخلها وطنٌ لا يسكُنه الغرباء، وعرشٌ لا يرتقيه من فرّط، ولا من تأخّر، ولا من ظنّها ستنتظر.
إنها لا تُشفى… بل تتجاوز.
ولا تُعاتب… بل تنسى.
ولا تُظهر الرحيل… بل تبتسم وتغادر.
هكذا ببساطة… كمن طوى كتابًا، وضعه على الرفّ، ونسي مكانه إلى الأبد
التعليقات