من المحيط إلى الخليج، لم يُقدّم أحد ما قدمته مصر وشعبها من تضحيات وجهود. ومع ذلك، لم يتوقف "الأشقاء المزعومون" عن المزايدة في كل مناسبة، بدءًا من عام 1948 وحتى اليوم، بما في ذلك تكرار الحديث عن قضية معبر رفح، التي لا يفقهون عنها أو عن أبعادها شيئًا. هذا بالإضافة إلى الخلط واللا منطق في مواقفهم تجاه حروب لم يخوضوها ولن يخوضوها أبدًا، رغم أنهم جغرافيًا أجهل الناس بها.
لقد تحملت مصر وشعبها أعباء حماقات "الأشقاء المزعومين"، الذين لم يكتفوا بالمزايدة عليها، بل تطاولوا عليها وسبّوها، ثم جاءوا إليها لاجئين. ومع ذلك، لم تُغلق مصر أبوابها في وجوههم، بل عاملتهم كأهل الدار، متجاوزةً كل إساءاتهم. لكن بعض هؤلاء، بعد أن انتهت أزماتهم، عادوا لممارسة التطاول على مصر بمنتهى الجحود والنكران.
وظلت مصر، أمس واليوم، تعاني من الضغوط والعقوبات والحروب الخفية والمعلنة بسبب موقفها الرافض لتهجير الشعب الفلسطيني، والذي يعني تصفية قضيته وضياع وطنه إلى الأبد. ورغم ذلك، فإن المزايدات والخيانات والطعن من الخلف ضد مصر لا تزال مستمرة من بعض الأطراف، من المحيط إلى الخليج.
لذا، يمكن لهؤلاء المزايدين أن ينسوا مصر تمامًا، وأن يتعاونوا مع الكيان الصهيوني، إذا كانوا مستعدين لذلك، ويقبلوا تهجير الشعب الفلسطيني إلى بلادهم، فهم يمتلكون المال والمساحة الكافية. أما مصر، فهي وشعبها قدّموا ما لم يقدمه أحد، وقاتلوا في كل قضايا الأمة حتى آخر جندي مصري، بينما اكتفى الآخرون بالمزايدة عن بُعد.
"الأشقاء المزعومون" وكذبة قبول مصر للتهجير
منذ اللحظة الأولى وحتى اليوم، رفضت مصر فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وأكدت قيادتها السياسية أنه إذا كان لابد من التهجير، فيجب أن يكون داخل الأراضي الفلسطينية، وتحديدًا في "النقب"، حفاظًا على ارتباط الشعب الفلسطيني بأرضه. ورغم ذلك، تعرضت مصر لحملات تخوين واتهامات من بعض الأطراف التي تُدعى أشقاء، والتي تروج كذبة قبول مصر لتهجير الفلسطينيين بضغط من جهات دولية و في طليعتها إدارة "ترامب" في الولايات المتحدة الأمريكية.
جدير بالذكر أن هذا الموقف الرافض للتهجير ليس جديدًا، فقد كان واضحًا منذ فترة حكم "باراك أوباما" في الولايات المتحدة، عندما طرحت على جماعة "الإخوان" في مصر، خلال حكم الرئيس الإخواني الأسبق "محمد مرسي" والرئيس الفعلي "خيرت الشاطر"، فكرة تهجير أهالي غزة إلى جزء محدود جدا 8 كم من سيناء، مقابل الحصول على مبلغ مالي قدره 8 مليار دولار، إلا أن الجيش المصري، بقيادة وزير الدفاع آنذاك والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، أكد تبعية سيناء للسيادة الكاملة للجيش المصري ، وشدد على عدم إمكانية التصرف في أراضيها دون الرجوع إلى قيادة الجيش الذي قطع الطريق على كل محاولة للعبث بسيناء التي روي كل شبر فيها بدماء شهداء مصر منذ أقدم العصور .
لذلك، فإن الاتهامات التي تطال مصر اليوم من بعض "الأشقاء المزعومين" عن جهل أو إرتزاق أو عمالة ، وبعض من ينتمون لكيانات كانت في السابق جزءًا من التآمر أو مؤيدة لاتفاقيات سرية، تحتاج إلى وقفة حاسمة للكشف عن الحقائق ومحاسبة المسؤولين عن نشر الأكاذيب وتشويه المواقف المصرية التي كانت منذ النكبة في 1948 أوضح وأشرف من الجميع ، وأكثرهم بذلا وتضحية وعطاء بما لا يقبل المزايدة من أي طرف كان، خاصة من اعتادوا خوض الحروب لأخر جندي مصري.
التعليقات