أيها الزمن الراكض.... تمهل!.. هل تدرك ما تفعل؟ هل تراعي قلبًا يئنّ حنينًا؟
فقلبي لم يستوعب بعد ما فعلته بأمي...
للمرة الأولى أراها بعينين مختلفتين، وكأنني استيقظت فجأة لأجدك تسللتَ إليها خلسةً، تنهش من قوتها يوماً بعد يوم؟
خطواتها، تلك التي كانت تسابق الريح في سعيها، صارت تجر أثقال العمر خلفها. ..
ظهرها، ذلك الجبل الشامخ الذي حمل همومنا جميعاً، انحنى كغصن أثقلته ثمار السنين....
يداها... آه من يديها! كم من حكايات الحب والعطاء نُقشت على صفحتيهما! تلك الأنامل التي طالما صنعت لنا من اللاشيء كل شيء، أراها اليوم وقد رسم عليها الزمن خارطة التعب والعطاء... ترتجفان كورقتي خريف في مهب الريح.
حتى صوتها اصابته نبرة لم أعهدها من قبل .. هي التي كانت صوتها يهز الجبال قوةً وثباتاً، أسمع اليوم في نبراته همساً خافتاً و رعشة خفية تحمل كل مخاوف الكِبَر والقلق...
كيف لم أنتبه لتلك التغيرات التي تسللت إليكِ ببطء؟ كيف غفلت عن رؤية الزمن وهو يأخذ منك شبابكِ يوماً بعد يوم؟
أرى فيها جدتي اليوم وقد تحولتِ من تلك المحاربة الصلبة إلى حكيمة تحمل في عينيها كل قصص الدنيا وأوجاعها...
تمهل يا زمن... فقط تمهل... فما زلت طفلاً يحتاج إلى دفء حضنها، وما زال قلبي يخفق بالخوف كلما رأيت الشيب يغزو خصلات شعرها. ما زلت احتاج انفاسها ورائحتها ... مازلت احتاج وجودها...
التعليقات