العلاقات بين مصر وشعب جنوب السودان تعود إلى ما قبل استقلال جمهورية جنوب السودان عن جمهورية السودان الشقيق عقب الاستفتاء الذي أجرى لهذا الغرض عام 2011، حيث أولت مصر نفس الاهتمام والتعاون والدعم في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والتنموية والثقافية لكل مكونات الشعب السوداني آنذاك في الشمال والجنوب.
وكانت القاهرة هي المقصد الأول للأشقاء من سكان جنوب السودان للتعليم والرعاية الصحية والتدريب وتنمية القدرات البشرية، وغير ذلك من المجالات.
كما استمر التعاون بين "جوبا" و"القاهرة" في مجال الاهتمام بنهر النيل، وأقيمت العديد من المشروعات المشتركة لحماية النهر وتعزيز موارده المائية، وكان من بينها مشروع قناة "جونجلي" الذي انجز معظمه وإن لم يكتمل بعد بسبب التطورات التي طرأت على المنطقة بعد ذلك".
وبعد استقلال جمهورية جنوب السودان تعمقت العلاقات بين الدولتين، وأولت مصر العلاقات مع جنوب السودان أولوية كبيرة خاصة في مجالات واحتياجات بناء الدولة، كما شاركت مصر بأكبر بعثة في قوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان لدعم استقرار الدولة.
وتشهد العلاقات بين مصر وجنوب السودان زخما وتطوراً كبيرا، منذ حصول جنوب السودان على استقلاله عن جمهورية السودان، عام 2011 حيث كانت مصر ثاني دولة في العالم بعد السودان الشقيق تعترف بجمهورية جنوب السودان كدولة مستقلة، كما شاركت مصر بوفد رفيع المستوى فى احتفالات إعلان الدولة الذى أقيم فى جوبا، وأعلن الوفد المصرى خلال الاحتفال حرص مصر على تعزيز العلاقات ودعمها مع الأشقاء فى الجنوب.
ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الجمهورية في مصر عام 2014، حيث تطورت العلاقات في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، فعلى المستوى السياسي، كانت لقاءات القمة بين البلدين عنواناً للمستوى الرفيع من التنسيق المشترك، وكانت الزيارة التاريخية للرئيس عبد الفتاح السيسي إلى جوبا في28 نوفمبر 2020 أول زيارة لرئيس مصر إلى مدينة جوبا في التاريخ الحديث.
إضافة إلى زيارات للعديد من كبار المسئولين في البلدين، وفي المقابل قام رئيس جمهورية جنوب السودان "سلفا كير ميارديت" بالعديد من الزيارات لمصر أعوام 2014- 2017- 2019- 2020 ، 2021 حيث تم التأكيد خلال اللقاءات على تطوير العلاقات بين البلدين، وزيادة الاستثمارات المشتركة والدفع قدما لتعزيز التعاون فى جميع المجالات، والتنسيق القائم لصالح البلدين بالاستغلال الأمثل لكل الفرص المتاحة لتعزيز العلاقات بين البلدين".
وزار مصر العديد من كبار المسئولين في جنوب السودان، وأثمرت هذه الزيارات عن العديد من الاتفاقيات والخطوات الثنائية وتطوير التعاون في مجالات عديدة حيث ساهمت مصر في تدعيم الاستقرار السياسي في جنوب السودان والتوفيق بين كافة أطراف الحكم لصالح شعب جنوب السودان، وتحرص كل من الدولتين على تعزيز التعاون الثنائي والارتقاء لمستوى "التكامل الاستراتيجي" في كافة المجالات خاصة التنموية، ليكتسب التعاون الاقتصادي مع جنوب السودان أهميته؛ منطلقا من الاحتياجات المتبادلة والملحة بين الطرفين.
وكذلك للاستفادة من الخبرات المصرية في دفع عملية التنمية والبناء، وفي ضوء الإمكانات والثروات الكامنة التي تزخر بها جنوب السودان، وذلك بهدف تلبية تطلعات شعبها نحو مستقبل أفضل، وترسيخ الأمن والاستقرار هو الركيزة الضامنة لتحقيق البناء والتنمية في جنوب السودان.
كما تطورت العلاقات بين البلدين في المجالات الاقتصادية والاستثمارات وفي مجال مياه النيل، والمجالات الأمنية والعسكرية، والتعليم والرعاية الصحية وغيرها. لتوطيد العلاقات فى إطار استراتيجية شاملة للتطوير، من أجل دعم التنمية وتحقيق السلام والاستقرار
يربط نهر النيل.. شريان الحياة.. بين شعبي مصر وجنوب السودان، حيث يمتد مسار النيل الأبيض عبر الأراضي التي تمثل الآن إقليم دولة جنوب السودان، الأمر الذي عزز التواصل بين شعب مصر وسكان جنوب السودان عبر العصور.
وفي العصر الحديث أولت مصر اهتماما بكل مكونات الشعب السوداني في الشمال والجنوب والشرق والغرب، وفور إعلان نتائج الاستفتاء على استقلال جنوب السودان عام 2011، كانت مصر ثاني دولة في العالم تعترف بجمهورية جنوب السودان كدولة مستقلة بعد جمهورية السودان الشقيقة مباشرة. ومنذ ذلك التاريخ تحرص مصر وجنوب السودان على التنسيق بين البلدين لتحقيق الاستقرار في جنوب السودان والقرن الأفريقي والقارة الإفريقية".
العلاقات بين مصر وجمهورية جنوب السودان تشهد على الصعيد السياسي نموا وتطورا ملحوظا، وتتواصل المشاورات والتنسيق المشترك بين قيادتي البلدين والمسئولين في المحافل الدولية وقمم الاتحاد الأفريقي أو خلال المنتديات أو من خلال تكثيف الزيارات المتبادلة بين الدولتين .
وتؤكد مصر على دعمها الكامل غير المحدود لجهود حكومة جنوب السودان في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، وكانت لمصر مواقف واضحة إزاء بعض التحديات السياسية التي واجهت جنوب السودان ولاسيما قضية " أبيي"، الغنية بالبترول المتنازع عليها بين الشمال والجنوب والتى تم تحويل قضيتها إلى محكمة التحكيم الدائمة بلاهاى لتحديد حدودها، إذ رحبت مصر بالقرار الذى صدر عن المحكمة ودعت الأطراف إلى الالتزام به. بالإضافة إلى استمرار المساهمة المصرية بأكبر مكون فى قوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان".
ومصر وجمهورية جنوب السودان يواصلان التعاون المشترك فيما يتعلق بالملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، خاصة منطقتي حوض النيل والقرن الإفريقي، بما يكفل تعزيز القدرات الأفريقية لمواجهة التحديات التي تواجه القارة ككل. والتأكيد على ضرورة تكثيف وتيرة انعقاد اللقاءات الثنائية بين كبار المسئولين من البلدين بصورة دورية للتنسيق المتبادل تجاه التطورات المتلاحقة التي يشهدها المحيط الجغرافي للدولتين.
العلاقات الاقتصادية بين مصر وجمهورية جنوب السودان تكتسب أهمية بالغة؛ في مرحلة التنمية التي تمر بها جنوب السودان وعملية بناء القدرات وتعزيز الاستثمارات والبنية التحتية.
كما أن العلاقات الاقتصادية التي تدعم المصالح المشتركة، وتسهم في إحداث التنمية الشاملة لكل الأطراف تلعب دورًا مؤثرًا في دعم هذه العلاقات، كما أن التبادل التجاري والاستثمار المشترك من الأدوات المهمة المطلوب تعظيمها وتكثيفها، مع دراسة للواقع والظروف التي تحدد طبيعة وأساليب التعامل مع السوق الأفريقية.
حيث يوجد عدد من العوامل المؤثرة التي يمكن أن تسهم في تدعيم العلاقات الاقتصادية بين مصر وأفريقيا عامة وجنوب السودان خاصة.
وحرص مصر على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري المشترك مع دول حوض النيل وذلك للاستفادة من المقومات الاقتصادية الكبيرة لهذه الدول وبما يعزز أهداف التنمية المستدامة بها ويحقق المصلحة المشتركة للاقتصاد المصري واقتصاداتها على حد سواء، حيث تقوم مصر بدور إقليمي متميز نتيجة لتاريخها الحضاري ومواقفها الجيواستراتيجية وامكاناتها العسكرية ومواردها الاقتصادية حيث تمتلك مصر العديد من الموارد الاقتصادية
وتحرص مصر وجمهورية جنوب السودان على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما، وترجمتها إلى مشروعات تجارية واستثمارية ملموسة تخدم البلدين، لدفع التنمية الاقتصادية بالقارة. وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان، تحرص مصر على تعزيز التعاون الثنائي وتقديم الدعم لجنوب السودان في كافة المجالات خاصةً التنموية، وذلك للاستفادة من الخبرات المصرية في دفع عملية التنمية والبناء".
ويركز التعاون المشترك على زيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، وتشجيع القطاع الخاص المصري للدخول في شراكات مع نظيره الجنوب - سوداني، وإعطائه الأولوية لمجالات “الزراعة- التصنيع الزراعي- الصحة- التشييد والبناء والمقاولات- الكهرباء والطاقة والبتروكيماويات، دعما وتعزيزا للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين.
هناك أهمية بالغة في التعاون وتوطيد العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر وجمهورية جنوب السودان في مجال المياه، حيث يمر النيل الأبيض أحد فرعي نهر النيل في منطقة جنوب السودان، وعبر عشرات السنين كانت هناك مشروعات مشتركة لتنمية مصادر مياه النيل الأبيض وزيادة موارده.
لعل أبرزها مشروع قناة "جونجلي" الذي أنجز جزء كبير منه ثم توقف العمل فيه بسبب التوترات في المنطقة في السنوات الماضية، في الوقت نفسه تم تفعيل عدد جديد من المشروعات التنموية التى اقترحها الجانب الجنوب سودانى، مؤخرا مثل مشروع إنشاء المزرعة النموذجية بولاية غرب بحر الغزال وإنشاء عدد من سدود حصاد مياه الأمطار في عدد من ولايات جنوب السودان.
وبحث مقترحات رئيس جمهورية جنوب السودان نحو البدء في تنفيذ عملية تطهيرات المجارى المائية بحوض بحر الغزال ونهر السوباط من الحشائش العائمة ولدرء مخاطر تراكم الطمى والتى تشمل أيضاً تأهيل المجرى الملاحى لمجرى بحر الجبل بحنوب السودان.
إضافة إلى اتفاقية التعاون الفنى بشأن "التعاون الفني والتنموي في مجال الموارد المائية" بين وزارة الموارد المائية والرى بجمهورية مصر العربية، ووزارة الكهرباء والسدود والرى والموارد المائية بجمهورية جنوب السودان.
وتهدف الاتفاقية إلى التعاون في مجال ادارة وتنمية الموارد المائية، والقيام بتدريب العاملين فى جمهورية جنوب السودان على التقنيات المختلفة لتنمية وإدارة المياه والرى، وتخفيض فاقد المياه، وإزالة الحشائش فى بحر الغزال، ونهر السوباط.
كما شاركت مصر فى تطوير المشروعات ودعم التنمية فى دولة الجنوب، فقامت بوضع حجر الأساس لجامعة الإسكندرية فى الجنوب، بالإضافة إلى البدء فى تطهير مياه النيل، والذى يعد شريان الحياة لجميع دول حوض النيل، والرابط بين دولة الجنوب ومصر، من أجل الملاحة والمشاريع المشتركة فى مجال المياه.
وأن التعاون بين البلدين يمتد لسنوات طويلة تم خلالها تنفيذ العديد من المشروعات التنموية التى تعود بالنفع المباشر علي مواطني دولة جنوب السودان، وبما يسهم فى تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين.
مصر وجمهورية جنوب السودان تولي اهتماما بالغا بالتعاون في المجال الأمني والعسكري، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة خاصة في ضوء أهمية الاستقرار الداخلي والإقليمي في بناء الدولة في جنوب السودان وتحقيق التنمية الشاملة. وفي ضوء هذه الحقائق، تساهم مصر بشكل فعال في تسوية المشكلات بين شمال وجنوب السودان وتحقيق السلام لكل من الشعبين. كما تبذل مصر جهوداً مستمرة لتحقيق الوفاق بين كافة أطراف السلطة في دولة جنوب السودان من أجل تحقيق الاستقرار والسلام الداخلي.
مصر وجمهورية جنوب السودان تولي أهمية كبرى للعلاقات الثقافية والتعليمة، حيث تم توقيع مذكرات للتفاهم فى مختلف المجالات الثقافية والعلمية، والاتفاق على إنشاء فرع لجامعة الإسكندرية فى جنوب السودان، وتقديم المنح الدراسية لأبناء جنوب السودان فى الجامعات المصرية.
وقد تم توقيع عدد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم بين عدد من الوزارات المصرية ونظيراتها من دولة جنوب السودان، أهمها مذكرة تفاهم بين جمهورية مصر العربية وجمهورية جنوب السودان للتعاون فى المجال الثقافى.
تهدف مذكرة التفاهم إلى توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين، ومشاركة الطرفين فى مجالات (المسرح – السينما- الموسيقى- الاسابيع الثقافية – الفنون التشكيلية – ثقافة الطفل – الكتب والمكتبات).
إضافة إلى البرنامج التنفيذى بين حكومة جمهورية مصر العربية وحكومة جنوب السودان فى مجال الشباب والطلائع للأعوام 2015، 2016 يهدف البرنامج إلى تنمية التعاون بين البلدين فى مجال الشباب، وتنظيم نشاط سنوى يحمل أسم اسبوع الصداقة المصرية – جنوب السودان.
على أن يقام لمدة 7 أيام كل سنة بالتناوب بين البلدين، وكذا بالتناوب بين المدن فى كل منهما، وبالتزامن مع مهرجانات الصيف المحلية.
مصر وجمهورية جنوب السودان تولي اهتماما بالغا بالتعاون في المجال الصحي، في إطار التعاون المشترك بين الدولتين، حيث قامت مصر بدعم المجال الطبي في جمهوية جنوب السودان، وإرسال عدد من القوافل الطبية للعمل بالولايات الجنوبية، إقامة منفذ لبيع الأدوية المصرية للجنوبيين. إضافة إلى العيادة المصرية في "جوبا" والمقامة منذ إبريل 2008 .
التعليقات