إن كنت صاحب ضمير حي، فأنت بالتأكيد غير راضٍ عن حالك... ليس الحال الذي قرره الله في قدرك، فهذا أمر مفروغ منه، والرضا عنه واجب لصحة إيمانك. لكن المقصود هنا هو الحال الواقع بين يديك. نذهب ونأتي ونتغير باستمرار. فما دمت حيًّا، فأنت قابل للتغيير، وهذا التغيير إما إيجابي أو سلبي، وهذا يتوقف على الكثير من العوامل.
في البداية، يجب الاعتراف بعدم وجود إنسان سوي بدرجة الكمال، فكلها نسب متدرجة. وعلى هذا الاختلاف يأتي حكم التغيير. فإن كانت أذيتك كإنسان متوقفة على أذيتك لنفسك فقط، فهنا الحكم واجب من قبيل حقك تجاه نفسك. ولكن إن كانت أذيتك ممتدة لتشمل كل قريب أو بعيد، في حالات مستعصية مثل أولئك السفاحين الجماعيين، فهنا الحكم واجب عليك من ضميرك كإنسان. فإن نام، جاء الوجوب من إيمانك. وإن غاب، جاء الوجوب من العرف الاجتماعي. وإن فقدت كل هذا، ستجد نفسك متهماً أمام القانون، وهذا لا مهرب منه. فالكلمة التي كنت تقولها لأذية نفسية من أمامك أصبحت جريمة يحاسب عليها القانون.
وبعيدًا عن كل واجب، فهل هناك أجمل من أن تحيا بأفضل نسخة منك؟ أن تحيا بلا كره أو ضغينة تجاه أحد، أن تحيا بلا رغبة في أذية أحد، أن تحيا وأنت تنتقي من كل شيء أجمله حتى تكون دائمًا في أفضل حال؟ أن تحيا بلا غضب مستمر لأتفه الأسباب. إن وقع الفنجان من يدك، تقل خيرًا. إن أضعت فرصة كنت ترى فيها الحياة ودونها الموت، تقل خيرًا. أن تخسر علاقة إنسانية كنت تتمنى دوامها، فتقل خيرًا.
وهذا لا يعني أن تحيا جامدًا بلا مشاعر، ولكنه يعني انتقاءك للمؤثرات المحيطة بك. فما سيقدمك نحو تغيير إيجابي، فأهلاً به؛ وأما العكس، فالعِياذ بالله منه هو الحل.
للتغيير دافع ولك الحق في اختياره أيًّا كان، ولا يحق لأحد لومك عليه. وللتغيير خطوات قد تراها مناسبة وقد تراها غير مناسبة، ولكنها إن لم تفد، فلن تضر.
يجب أن ترى نفسك من الخارج في شفافية مطلقة: هل تقبل بنفسك صديقًا؟ هل تقبل بنفسك زوجًا؟ هل تقبل بنفسك زميلًا في العمل؟ هل تقبل بنفسك تلميذًا؟ هل تقبل بنفسك ابنًا؟ هل تقبل بنفسك عبدًا؟ هل تقبل بنفسك ملهمًا؟
العديد من التساؤلات التي سترى بها حقيقتك في كل العلاقات الإنسانية، بما فيهم علاقتك مع نفسك. وإن كانت تلك التساؤلات نابعة عن رغبة حقيقية في التغيير، ستصل إلى مرادك عاجلاً أو آجلًا.
التعليقات