كان ياما كان وطن أخضر ينبض بالحياة والأمان، فى كل مرة تنظر إليه تجده لوحة من الألوان.. اسمها لبنان.
كان ياما كان أرض آبية، زهرة الشرق الخمرية، ست الدنيا اسمها بيروت، عبير الشوق فى طياتها يسكن السلام، كان ياما كان ﭼبيل القوية، الحرف الأول مهد الأبجدية، لغة أبدية يتحدثها الزمان. كان ياما كان حضاراتها الشامخة على مر العصور، شاطئ صيدا وغروب صور، شمس تودع الأرض بقبلة من ذهب، وقمر يتلألأ بضوئه على الجدران.
كان ياما كان جبال الشوف الشاهقة وأوراق أرز تتساقط منها تملأ الأكوان، ورسائل حب على همس غاباتها تسكن الروح ويهدأ القلب والوجدان. كان ياما كان أزقة طرابلس بقهوتها ودفء الحكايات، ووادى قاديشا يترنم بأصوات الراهبات.
كان ياما كان شلالات جزين تتدفق كأبيات شعر هادر وفى سهل البقاع أيادِ سُمر تحصد قمع البيادر. كان ياما كان بعلبك الثرية وليالى تموز السخية نهر الفنون سريع الجريان. كان ياما كان وديع الصافى النقى وفيروز الثمينة تدندن: «يا شادى الألحان». كان يا مكان على مر الزمان وطن أخضر فيض الحنان، خذوا كل ما تريدون وأعيدوا لنا لبنان.
من قلبى سلامِّ لبيروت وقُّبل للبحر والبيوت، لصخرة كأنها وجه بحارٍ قديم، هى من روح الشعب خمرِّ، هى من عرقه خُبزِّ وياسمين فكيف صار طعمها طعم نار ودخان. هذه كلمات رثاء لحال لبنان الآن، الدَكَة الإسرائيلية تصارع الدبكة اللبنانية فى عقر دارها، ليس فى الجنوب فقط وإنما فى كل شبر بلا رحمة ولا شفقة والشعب اللبنانى المنكوب يكافح القنابل بالنهار ويتغنى بالآلام فى الليل، هذا الشعب المحب للحياة دوما وأبدا يقاوم من أجل البقاء ولا أحد يقف معه ضد العدوان، وهذه السيدة ماجدة الرومى واحدة من هذا الشعب تستغيث من ساحة الشهداء قائلة هذا المونولوج.
«بعد ٣٠ سنة حرب ما بقى يهمنى أشهد ولا إنسان على الأرض، أنا بشهد لربنا فقط، وربنا بيحب السلام، ربنا ضد العنف، ربنا بيقلى اليوم أشهد للحق، أشهد لدم خيرة شبابنا، أشهد لسيادة هذه الأرض، وحريتها واستقلالها مثل ما بيليق بمواطن عنده كرامة من لبنان، أشهد لهذا الشعب اللبنانى، المعذب، ياللى بيموت كل يوم ألف شهيد، اللى بيعيش من حلاوة الروح ومستكفى، اللى بيقع نصه على الطريق ولسه مكفى الطريق، لدول أنا بشهد، أنتم بتقولوا إنكم مؤتمنين على سيادة لبنان ومؤتمنين على سلامتنا وانتوا بتعرفوا إنه إحنا مش بخير، إنتم فتتوا هذا البلد، إنتم بتريدوا تعملوا وطن على قياس الطوائف والأحزاب، إنتم بتريدوا تعملوه على أد الكرسى، وهو أكبر منكم بكتير، إنتم اللى فرقتونا، وانتم اللى قسمتونا بقلب البيت الواحد، وانتم اللى شرزمتونا وأنتم اللى ربطوا قصتنا بقصص نص الكرة الأرضية، كل ما نفك عقد تطلعنا ١٨٠، كيف بتقبلوا انتم إنه نكون نِحنِ شعب كل ما يتقتل ٢ فى الصين إحنا لازم نتحمل قتله، ليه نَحنَ اللى لازم ننضرب، ليه لازم أحنا اللى ندفع من أرزاقنا وأعصابنا، ليه إحنا اللى لازم نكون ورقة بيلعبوا فيها الكل، لماذا انتم بتقبلوا بانقسامكم ٣٠ سنة تعلنوا الدنيا كلها إنكم مش قادرين تديروا شؤون هذا الوطن؟، يمكن هذا المطلوب فى الآخر، بس إذا كان هذا هو المطلوب انتم بتعملوا المطلوب منكم، وأنا هنا بقول بيكفّى، إذا حكيت مش لأنى أنا لى علاقة بالسياسة، أنا ما لى علاقة بالسياسة، أنا أمرأة فنانة وبغنى لكنى مواطنة ومنتمية لتراب الأرض وفى كتير مثلى، ونَحنَ متعلقين، اتركونا نعيش باسم الحق، باسم ربنا اللى بتقولوا إنكم بتحبوه وبتتحركوا باسمه، اتركوا هذه الدولة دولة بحق، من مصلحة مين يكون هذا الوطن بلا سقف؟!».
وأنا أضم صوتى لصوت الست ماجدة الرومى ولكل لبنانى غيور على أرضه، لمصلحة مَنّ هذا العدوان الغاشم؟ وإلى متى ستظل هذه المعركة دائرة بلا هوادة، القائمة كل يوم فى ازدياد، بدأت بغزة ثم لبنان وعلى مَن الدور القادم؟!.
التعليقات