بدأت مصر عهدا جديدا فى علاقاتها مع القارة الأفريقية بعد ثورة 30 يونيو 2013، حيث اعتمدت السياسات والتفاعلات المصرية مع دول وشعوب القارة على إدراك واقعى لطبيعة العلاقات والمصالح التى تجمع بين مصر وشقيقاتها من الدول الإفريقية.
وتأكيد الانتماء الإفريقى للدولة المصرية، وتقدير واعٍ لأهمية التعاون والتقارب بين شعوب القارة لمواجهة التحديات والمصير المشترك فى ظل التطورات المتلاحقة التى تشهدها أجزاء مختلفة من القارة التى انعكست على حالة الأمن والتنمية.
وأسفرت عن موجة شرسة من التنافس الخارجى بين القوى الدولية والإقليمية لاستغلال مقومات القارة.
تعظيم وترسيخ دور مصر الريادي في القارة الأفريقية وتحقيق طفرة كبيرة في العلاقات مع دول القارة الأم بفضل جهود ورؤية القيادة السياسية التي حددت أهداف العلاقات الخارجية لمصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو.
نجحت مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في إصلاح بوصلة العلاقات المصرية الإفريقية وتوجيهها باتجاه المستقبل استناداً لمؤشرات الماضي وإحداثيات الجغرافيا.. بوصلة تستمد، في دقة وقوة، مؤشرها من طفرات متسارعة غير مسبوقة في التنمية تشهدها كل بقعة في أرض مصر تمهد بها الطريق لجمهورية مصر الجديدة..
شملت التحركات المصرية لتدعيم العلاقات مع دول وشعوب القارة الإفريقية العديد من الملفات التى حاولت الدولة المصرية من خلالها تحقيق التوازن بين القدرات والمصالح المصرية والطموحات الأفريقية.
وبرزت فى هذا الإطار مجموعة من الأدوات التى عبرت فى مجملها عن تطور فى الرؤية المصرية حول علاقاتها مع نظيراتها الافريقية، وكانت أداة الزيارات والاجتماعات المشتركة من أهم أدوات التفاعل بين الجانبين.
حيث حرصت القيادة السياسية ممثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى على القيام بزيارات مختلفة لدول القارة وحضور الفاعليات التى تجمع القادة الأفارقة والمشاركة فى تطوير حلول للأزمات والمشكلات الافريقية. كما استقبلت القاهرة خلال السنوات الماضية العديد من القادة والمسئولين الأفارقة، فلم يمر شهر بدون زيارات متبادلة بين مصر ودول القارة.
وجاءت رئاسة مصر للمنظمة القارية فى عام 2019 لتحمل فرصاً جديدة لتفعيل الحضور المصرى فى كافة القضايا الافريقية المشتركة، ولتعبر مصر من خلال هذه الرئاسة عن رغبتها فى التقارب مع كافة الدول الافريقية وتحملها لمسئولياتها إزاء نظيراتها
ودعمها للمصالح الافريقية سواء داخل القارة على المستوى الثنائى وكذلك على المستوى الجماعى وعبر منظماتها الإقليمية والإقليمية الفرعية، أو من خلال المشاركة فى الفاعليات الدولية التى تتم عبرها مناقشة قضايا القارة وعلاقاتها مع المجتمع الدولي، وقدمت مصر خلال هذا العام العديد من المبادرات.
كما عملت مصر على تقديم الدعم إلى الدول الافريقية فى العديد من المجالات، ومن أهمها المجال الأمنى والعسكري، حيث حرصت على تطوير قدرات الجيوش الافريقية خاصة فى مناطق الاضطرابات فى الساحل الافريقي.
ومن خلال تجمع الساحل والصحراء قدمت مصر العديد من المبادرات للتدريب الفردى والمشترك والمنح للطلاب فى الكليات العسكرية. وكان إنشاء منظمة لمكافحة الإرهاب فى دول التجمع، يكون مقرها القاهرة، من أهم ثمار التحركات المصرية التى توسعت خلال الشهور الأخيرة ليشمل التعاون العسكرى عدداً من دول حوض النيل، يضاف إلى ذلك التدريبات والمناورات العسكرية المشتركة مع السودان.
كما سعت مصر إلى تطوير بنية السلم والأمن الافريقى ودعمت مبادرة «إسكات البنادق» التى تعد جزءاً مهماً من أجندة 2063 لتطوير القارة، وأولت إنشاء القوة الافريقية الجاهزة أهمية كبيرة، واقترحت إنشاء وحدة خاصة لمكافحة الإرهاب تحت مظلة القوة الأفريقية الجاهزة، حيث تمثل قضايا انتشار الجماعات الإرهابية والصراعات فى مناطق مختلفة فى القارة الإفريقية إحدى أهم القضايا التى حاولت مصر تقديم مبادرات للحد من تداعياتها ومنع تفاقمها
على الرغم من التحولات الكبيرة التى شهدتها العلاقات المصرية- الافريقية خلال الأعوام الأخيرة، والتى عبرت عن وجود إرادة سياسية للتعاون ومواجهة التحديات المشتركة مع كافة الدول الإفريقية، إذ انعكست هذه التحولات على مكانة مصر داخل القارة وبين أروقة منظماتها المختلفة، وكذلك التفاعلات المصرية الدولية.
حيث أصبحت العديد من القوى الخارجية المختلفة تسعى إلى مناقشة القضايا الافريقية، ومحاولة التعاون مع دول القارة عبر النافذة المصرية، إلا أن دول القارة الافريقية وما تعانيه من أزمات ومشكلات خطيرة لازالت تتطلع إلى مضامين جديدة للتقارب المصري، حيث تنظر إلى ما تمتلكه مصر من إمكانات بشرية ومادية يمكن استثمارها لتحقيق الطموحات الافريقية.
فلا تتوقف مضامين التقارب المصري- الإفريقى على التعاون فى مجالات مختلفة بل تتجاوزها إلى مساعدة الدول الافريقية على تحقيق الاستقلال الحقيقى عن القوى الدولية الكبرى والاعتماد على الذات.
وحل المشكلات الأفريقية عبر آليات أفريقية بعيدا عن التدخلات العسكرية الأجنبية التى أدت إلى تفاقم الأزمات الأمنية والإنسانية.
فلا تزال العديد من الدول الافريقية ترزخ تحت وطأة مصالح القوى الدولية والإقليمية، ولا تستطيع هذه الدول الخروج من هذه الدائرة المفرغة فى ظل انتشار الفساد وفشل سياسات الاندماج الوطنى وضعف قدرات المؤسسات الوطنية، وكذلك المنظمات الإقليمية والإقليمية الفرعية التى أصبح بعضها يعجز عن مواجهة التحديات والتهديدات المختلفة.
كما ترتبط هذه المضامين أيضا بقضايا التنمية وتحسين الأحوال المعيشية للمواطن الافريقى الذى لا يزال يفتقد الكثير من عوامل الحماية الاجتماعية والإنسانية فى ظل تجاهل المجتمع الدولى لهذه القضايا.
وتؤمن مصر بأهمية العمل الإفريقي المشترك وتسهم بجهد حثيث في تحقيق السلام كركيزة للتنمية في القارة ، وهو الأمر الذي يظهر جليا في المواقف التي تتبناها مصر وجهودها الحثيثة لتحقيق السلام والأمن والاستقرار والرخاء والتنمية في ربوع القارة..
فالانتماء المصري للقارة الأفريقية كان وسيظل في صدارة دوائر السياسية الخارجية خلال عهد السيسي، كما كان يشكل أحد المعالم الرئيسية في تاريخ مصر، فضلا عن دوره في تطوير حاضر البلاد وصياغة مستقبلها..مستقبل زاهر بينما تخطو مصر في طريقها نحو الجمهورية الجديدة.
خطوات عدة اتخذها الرئيس السيسي من أجل إعلاء مصلحة أفريقيا وتغيير وجهة نظر العالم كله تجاه هذه القارة السمراء واعتبرها شريكا فى التنمية، ليس ذلك وفقط بل سعى أيضا إلى تعزيز التعاون بين مصر والدول الأفريقية، وبين الشعوب الإفريقية وبعضها البعض.
التعليقات