أعترف أن لدي مشكلة؛ أتعاطف مع كل حكاية ومع كل عين دامعة. أتأثر كثيرا بمشكلات البشر وآلامهم؛ تمزقني حكاياتهم الحزينة وتتهلل أساريري لأفراحهم. مع مرور السنين وتعدد الصداقات وتنوع خلفياتها الثقافية والعرقية أيقنت أن لكل حكاية وجهين؛ الجاني في رواية أحدهم مجني عليه في نظر آخرين والعكس صحيح. من يقف في كل زاوية يقيم الوضع من وجهة نظره فيخطيء أحيانا ويصيب أحيانا أخرى. ربما لم يقصد الشرير أن يكون كذلك أو لعل الظروف أجبرته أو أساء التقدير. لا ينطبق هذا على الجروح البالغة التي يمكن للبشر أن يتسببوا فيها بل هي مشكلات عابرة وأخطاء مآلها إلى الغفران والتجاوز.
علمتني الحياة أن محكمة البشر غير عادلة تحكمها المصالح والعلاقات الشخصية في كثير من الأحيان. الطرف الأعلى صوتا والأكثر نفيرا له الكلمة العليا حتى ولو كان كاذبا أو متلاعبا. لابد أن يكون المستمع حكيما وحياديا ليحسن تقييم الأمور إن طلب منه ذلك. يكفي الشاكي ضررا أن يتم تجاهل شكواه أو التسفيه من حزنه ومعاناته. ربما يشكو المرء لينفث عن غضبه أو يشارك غيره ملتمسا الصح والإرشاد وما أتعسه إن لاقى قلوبا متحجرة أو نفوسا منحازة لغاية لا يعلمها.
لا ينبغي لنا أن نضل طريق الصواب باختلاط الحقائق بالزيف. نصرة المظلوم شرف ورد الظالم عن ظلمه فضيلة. ولابد دوما من سماع الطرفين دون تحيز أو محاباة. إعمال العقل ووزن الأمور بتعقل لا يؤدي إلا للخير. كثيرا ما يختلط الحابل بالنابل فيجحب ألا ننسى أننا بشر نخطيء ونصيب وأننا لسنا مخولين بإصدار الأحكام أو منح صكوك الغفران لبعضنا البعض.
قص كثير من الناس علي حكاياتهم ورأيت دموع تماسيح وضحكات صفراء. رأيت نصف الحقيقة في وجوه تبطن أكثر ما تظهر. لا خلاف أن وراء كل قصة حكمة وعبرة وخبرة حياتية بلغتنا لنتعلمها أو نتجنبها. سواء اختلفنا أم اتفقنا مع الراوي علينا أن نلتمس الصدق ونتمسك بالحيادية لنستطيع تقييم الوضع بشكل سليم. وتتعدد الحكايات والمواقف ويسأل الشاكي: ماذا تفعل لو كنت مكاني؟
التعليقات