نشهد واحدة من أصعب الفترات على الوطن العربي بأسره، بعد ما حدث وما يحدث في فلسطين من تنفيذ لخطة الاستيطان الإحلالي كاملة بإبادة الشعب الأصلي للأرض، وحرب أهلية حولت السودان إلى بقعة من النار، وتسير بها إلى المجهول، والعالم يشاهد وينتظر النتيجة المحسومة.
واليوم أي بعد الإعلان عن قيام كل من أمريكا وبريطانيا بشن غارات جوية على اليمن؛ ردا على قيام الحوثيين بضرب سفن أمريكية آتية لدعم إسرائيل في حربها على غزة، كما طالبت الجماعة بالسماح بدخول مساعدات إنسانية لسكان غزة أيضا، حتى تكف عن مهاجمة سفن مساعدات إسرائيل، ولكن الرد كان أسرع من الطلب.
وفي مثل تلك الأزمات، لا نتذكر سوى أعمدة الصحافة العربية، أصحاب الصوت المدوي والكلمة الصادقة، هؤلاء من كانوا يستحرمون التحدث عن قضية ما في وجود قضية أهم وأكثر حساسية، ومن أشهرهم الأستاذ محمد حسنين هيكل.
كان هيكل من أشهر أصوات مصر في زمنه إن لم يكن الأشهر، فمنذ بزوغ نجمه مع رئيس مصر الأسبق جمال عبدالناصر، مرورا بخلافه بعد ذلك مع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، ثم عودته إلى جوار السلطة، خلال حكم الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وإلى اعتزاله الصحافة بعد بلوغه الثمانين عاما، لم يكن لحدث أن يمر دون سماع رأيه فيه.
فقال عنه السياسي البريطاني الشهير أنتوني ناتنج: "عندما كان قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه، وعندما ابتعد عن القمة تحول اهتمام الكل إلى ما يفكر فيه." ... ومن الجدير بالذكر أن أنتوني ناتنج كان رافضا لكثير من انتهاكات الغرب لحقوق العرب، حيث قدم استقالته من منصب وزير الشئون الخارجية البريطانية؛ احتجاجا على مشاركة بريطانيا في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، كما سبق له التحدث عن قضية فلسطين في خطبة ألقاها في مدينة بيروت، حيث قال في ثناياها: "أن مسألة فلسطين لا يمكن أن تحل إلا بالقوة، وأن الأمر متروك للفدائيين الفلسطينيين ليصلوا إلى حل"، الأمر الذي جعله منبوذا سياسيا، ومنعه من دخول إسرائيل حتى وفاته.
فعند الحديث عن هيكل، وعلى الرغم من كونه غائبا عن دنيانا منذ عام 2016، فمن السهل استحضاره، فما تركه من كتب ومؤلفات حاضنة لآرائه وأفكاره كافية، ففي مؤلفاته سنجد تفسير ما يحدث وما يتوجب علينا فعله.
التعليقات