كما سقط آدم أبو البشرية في أول اختبار له؛ بأكله من الشجرة المحرمة، سقط ابنه قابيل أيضًا في بئر الطمع والجشع والحسد والأنانية بقتله أخيه هابيل، ولم يتعلم شيئًا قط من الدروس التي تعلمها أبوه آدم، بعد أن دفع الثمن غاليًا وهبوطه من الجنة!!
وكما سقط قابيل في الاختبار وتلوثت يداه بدم أخيه، سقطت البشرية في نفس الاختبار، وأمعنت في القتل والنهب والسرقة، وحتى هذه اللحظة ما زالت البشرية ترتكب تلك الخطايا والموبقات في غزة وفلسطين والقدس.. وغيرها من بلاد المسلمين وغير المسلمين أحيانًا، وستستمر تلك الفئة الباغية على هذا النحو إلى قيام الساعة ولا حول ولا قوة إلا بالله!!
وها نحن نستشرف عامًا جديدًا يحث الخطى مسرعًا متعجلًا، ولا أعرف لمَ العجلة أيها العام الجديد، ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة، ألا تمهل البشرية قليلًا حتى يتطهروا من آثامهم وخطاياهم؟! ألا تنتظر قليلًا حتى تغسل البشرية أيديها الغارقة بدماء الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ؟!
ألا يمهلنا العام الجديد قليلًا حتى ندفن قتلانا ونترحم عليهم؟! فما زالت دماؤهم وأشلاؤهم في الطرقات تصرخ وتئن وتطالب بدفنها حتى تستريح من آلام الغدر والطمع والجشع، التي حلت كالوباء على معظم البشرية!!
ألا يمهلنا العام الجديد قليلًا حتى نثأر لأطفالنا ونسائنا وشيوخنا الذين قتلوا غدرًا بدم بارد في غزة دون ذنب جنوه أو جريرة؟!
أيها العام الجديد مهلًا فما زالت الدماء تقطر من بين أنياب الوحوش المفترسة الذين يشبهون البشر، ولكن البشرية منهم براء!!
أيها العام الجديد أبطئ قليلًا؛ فدموع الأمهات الثكالى في غزة تملأ الطرقات، وما زالت أياديهن المخضبة بدماء أبنائهن تبحث عن بقايا أشلائهم المتناثرة بين حطام الأبنية، وما زالت أقدامهن تتعثر في قطع ألعاب أبنائهن المتناثرة في الزوايا والأركان، وكراريسهم وكتبهم المدرسية تتطاير في كل مكان!!
أيها العام الجديد اصبر قليلًا ولا تعجل علينا، فإن العجلة من الشيطان!! اصبر صبرًا جميلًا؛ فإن آلام المصابين في غزة لم تسكن بعد، والجوع القاتل ما زال يأكل أمعاءهم الخاوية؟!
أيها العام الجديد حنانيك؛ ألا ترى أشباح الموت لا تزال تحلق في سماء غزة صباح مساء، وتحصد أرواحهم الطاهرة، وتجهض أحلامهم وتغتال آمالهم ومستقبلهم؟!
أيها العام الجديد إذا كنت مصممًا على المجيء؛ فتمهل قليلًا حتى تتطهر تلك النفايات البشرية من آثامها وخطاياها، بعد أن داست على كل القيم الإنسانية والقوانين الدولية بحذائها الأسود الملطخ بدماء الأبرياء في غزة والقدس وفلسطين، ودمرت الحياة، ولم تترك وراءها غير القتل والجروح والجوع والمرض!!
وبرغم كل تلك الآلام والأحزان، فإن المؤمن الحق لا يفقد الأمل ولا ييأس أبدًا من بزوغ شمس جديدة ويوم جديد، واندحار تلك النفايات البشرية بعد أن انكشفت وافتضحت أمام البشر الحقيقيين.
ومهما قتلوا وأمعنوا في قتل الأطفال، فسيخرج أطفال المقاومة من جديد من بين الأنقاض، وسيطاردون هؤلاء القتلة في اليقظة والكابوس، وسيحررون القدس، ويستعيدون أرضهم وديارهم، ويزرعون أشجار الزيتون المباركة التي (..يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ..) صدق الله العظيم.
التعليقات