تبدأ خمس دول الأول من العام الجديد 2024 بانضمامها رسميا إلى مجموعة "البريكس"، بعد أن وجهت المجموعة في أغسطس الماضي، الدعوة إلى 6 دول للانضمام لعضويتها بدءا من يناير 2024، وهي مصر والسعودية والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا.
وتتيح توسعة المجموعة بعد انضمام الدول الخمسة ليصبحوا أعضاء في بريكس، قوة دفع هائلة للمجموعة التي تسعى لإحداث التوازن على الصعيد الاقتصادي.
وتنافس مجموعة السبع، بالنظر إلى ما تزخر به الدول الجديدة من مقومات .
تمت صياغة مصطلح "بريك" في العام 2001 من قبل الاقتصادي جيم ٠ كان يعمل آنذاك في مجموعة غولدمان ساكس، للفت الانتباه إلى معدلات النمو الاقتصادي القوية في البرازيل وروسيا والهند والصين.
وكان المقصود من هذا المصطلح أن يكون سيناريو متفائلا للمستثمرين وسط تشاؤم السوق في أعقاب الهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة في 11 سبتمبر من ذلك العام.
في العام 2006، اتفقت البرازيل وروسيا والهند والصين على تشكيل مجموعة اقتصادية وسياسية تعرف بـ "بريك"، باستخدام الحرف الأول من اسم كل دولة.
عقدت المجموعة أول قمة لقادتها في العام 2009 ودعت جنوب أفريقيا للانضمام بعد عام، وأضافت قارة أخرى وحرف "S"، ليتغير اسمها إلى "بريكس".
الناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة "بريكس" يمثل 28.3 بالمئة من الاقتصاد العالمي في العام 2023، وذلك بعد موافقة التكتل على توسيع عضويته.
كانت نسبة مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي 25.6 بالمئة، لترتفع إلى 28.8 بالمئة بعد انضمام الأعضاء الجدد؛ ودول المجموعة تسيطر على 20 بالمئة من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.
وتسعى المجموعة إلى أن ينعكس التوسع بأعضائها التفوق عملياً من خلال توسعة نشاطاتها الاقتصادية الرامية لمواجهة هيمنة الدولار الأميركي، ليضيف التوسع بدوره إلى قوة المجموعة الهادفة إلى أن تكون محركاً لنظام عالمي جديد، وأن تقود مجموعة تغيرات ديناميكية على الخارطة الاقتصادية الدولية.
ومن المنتظر أن يلعب التكتل بعد مضاعفة أعضائه دورا في تحقيق التوازن الاقتصادي حول العالم، والهيمنة الاقتصادية لبعض الدول الكبرى، كما أن الدول المنضمة تضع عليه آمالا كبيرة ليمثل لهم فرصا اقتصادية واعدة أن مضاعفة دول التكتل محاولة جيدة من جانب دول المجموعة من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي، وهي الخطوة التي لن تنجح في يوم وليلة لكنها تحتاج إلى سنوات قد تصل إلى عقود للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب في وجه الولايات المتحدة الأميركية.
وفكرة خلق اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب، والتوازن في العلاقات الاقتصادية إضافة إلى تقليص من هيمنة الدولار الأميركي، كلها خطوات هامة نأمل الوصول إليها، لكن لن يكن حدوثه بسهولة.
الوصول إلى التوازن العالمي يتوقف على قوة الأطراف الموجودة في البريكس، وتلك القوة ستظهر من خلال قدرة التكتل على زيادة الدول الأعضاء في المراحل المقبلة.
اتخاذ قرارات من شأنها تغيير بعض المفاهيم والمعادلات والعلاقات في الاقتصاد الدولي.
وذلك يتم من خلال قرارات كلها مرهونة بالمستقبل، خاصة وأن الوزن النسبي للصين وروسيا إضافة إلى بعض دول الخليج كالسعودية والإمارات ودول أميركا اللاتينية مثل البرازيل كلها تؤكد على قوة التكتل.
من أهم القرارات التي من المنتظر أن يتخذها التكتل وتمثل خطوة أولى في نجاحه مستقبلا اتخاذ اتجاه مرتبط بتقليل الاعتماد على الدولار ليصبح الاعتماد على العملات المحلية.
الاتجاه إلى أن يصبح هناك عملة خاصة بدول البريكس.
وعدم الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من خلال تفعيل وتقوية مؤسسات أخرى بديلة مثل البنك الآسيوي للتنمية على سبيل المثال.
إن نيجيريا، أكبر دولة في أفريقيا من حيث عدد السكان، ستسعى إلى أن تصبح عضوا في مجموعة البريكس خلال العامين المقبلين.
يستطيع التكتل أن يكون له تأثير أوسع في الاقتصاد العالمي تبدأ بخطوات تنفيذية لإفساح موضع قدم لتكتل جديد يقوي يوما تلو الآخر.
نجاح البريكس في تحقيق التوازن الاقتصادي حول العالم وهز عرش الدولار يتوقف على نجاحه في إرساء فكرة التبادل التجاري بالعملات المحلية، على غرار خطوات سابقة على سبيل المثال لكل من الإمارات والهند.
وكذلك الإمارات والصين في كيفية التعامل بعملات متبادلة، كما أن مصر أعلنت عن معاملات بالعملات المحلية مع دول أخرى.
ونجاح التجربة إذا تم من خلال جهود البنوك المركزية ودول التكتل ستتاح الفرصة لكثير من الدول الأخرى التي من الممكن أن تستخدم فكرة تبادل التجارة بالعملات المحلية.
أن التكتل يفتح الباب أمام العالم سواء بالانضمام أو التعامل بنفس المبدأ (التعامل بالعملات المحلية) لتزيد من حركة التجارة وتبتعد جزئيا من الضغوط السياسية والهيمنة الأميركية.
وانضمام دول نفطية على رأسها المملكة العربية السعودية والإمارات، في ظل وجود روسيا، يمثل فرصة كبيرة لزيادة احتياطي المجموعة من النفط.
التكتل بانضمام دول جديدة منها أثيوبيا وإيران ومصر سيرتفع عدد سكانه، ليمثل نسبة كبيرة من سكان العالم يصبح أكثر تأثيرا.
تنسيق التكتل الرؤى حول المواضيع الأساسية سواء كانت اقتصادية أو غير اقتصادية سيكون أمرا مؤثرا في المحافل الدولية، خاصة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، ليكون أكثر تنظيما، فإذا تمت مقارنته اقتصاديا سيكون أكبر منافس لمجموعة السبع.
من الممكن أن يتم من خلال استخدام عملة مشتركة تدريجيا ستجرى التهيئة لتقليل الاعتماد على الدولار، ليكون التحول نحو الاعتماد على عملات الدول التي يحدث بينها تبادل تجاري فيما بينها، أو مستقبلًا إيجاد عملة بديلة للدولار قد تكون عملة رقمية.
مصر تأمل أن يؤدي انضمامها لـ "بريكس" إلى جذب استثمارات جديدة مع ارتفاع عدد دول مجموعة بريكس إلى 10 دول سيصبح عدد سكان دول المجموعة أكثر من ثلاثة مليارات و625 مليون نسمة، أي مايقارب نصف سكان العالم.
التعليقات