"كلا الطرفين سيدعيان أن الأخلاق هي مبرر قتالهم." يوحنا ج. استوسينجر في كتابه "لماذا تذهب الأمم إلى الحرب".
لكل حرب حالتها الخاصة، ولكل حرب أسبابها، ومنها يأتي تصنيفها؛ كحرب استقلال، أو حرب أهلية، أو حرب عقائدية، أو حتى صراع عرقي.
ولكن عند توجيه النظر إلى حرب فلسطين ... تعجز للحظات عن تصنيفها، فشعب فلسطين يقوم بحرب استقلال، والحرب القائمة بين جماعات تسكن أرض واحدة حرب أهلية، والحرب بين طوائف من أديان مختلفة مدعيين أن الهدف هو نصر دينهم، فهذه حرب عقائدية، والحرب بين من تنحدر أصولهم من بيئات مختلفة، مثل أوروبا وآسيا، هو صراع عرقي، وهذا أيضا موجود.
ولكن من المسلم به أنها حرب ليست بسهلة، فهي ليست حربا على حدود أو إقليم، فهي حرب بين شعب يريد الحياة والسلطة على أرض ليست بملكه ولكنه يؤمن بأحقيته فيها، وشعب صاحب تاريخ الأرض، وعقيدة بأن الأرض تعود لأصحابها ولو بعد حين، وكلا الشعبين يؤمنان بأن لا حياة لأي منهما خارج تلك الأرض المباركة.
فهي حرب بين الأصالة والعصرية، أصالة شعب متأصل تمتد جذوره إلى سابع أرض، وعصرية شعب حُكم عليه بالشتات في الأرض من رب السماوات والأرض، ولكنه امتلك القوة التي أراد بها تغيير القدر والواقع والإيمان، لتصبح عقيدتهم من صنعهم وليست من صنع الرب، فعقيدتهم هي الصهيونية وليست اليهودية.
ولأنها أرض لا تتحمل نزاع الشعبين عليها، ولأن استسلام شعب للآخر أمر مستحيل، فبدون تطبيق التقسيم الدولي المنصوص عليه في عام 1947، أو المعدل منه بعد نكسة 67، بأن يكون لكل شعب منهما أرض لها حدود وسلطة ذاتية حقيقية كاملة، فلا حل للقضية سوى بفناء أحد الشعبين، وهذا نوع آخر من الحروب، يُعرف بحرب الإبادة، وهو ما يحدث حاليا في فلسطين.
فما بال العالم ينظر ويتأثر، ولا ينطق ... فإلى متى سنظل نتابع حدث "إبادة شعب" بصرف النظر عن ديانته وجنسيته وعرقه وتاريخه، فهم بشر، هؤلاء أطفال ونساء ورجال لا حول لهم ولا قوة، فهم لم يختاروا الحرب ولم يكونوا طرفا بها قط، فلماذا أقحمتموهم بها؟!
إلى متى ستظل رؤية تلك المشاهد المسربة من فلسطين، عائقا لنا أمام ممارسة حياتنا بشكل طبيعي؟!
بأي ذنب نتكبد تلك الآلام؟! بأي ذنب تتعكر أيامنا وليالينا؟! فلا نجاح ولا ميلاد، ولا مجيء عام جديد قادر على إدخال الفرحة إلى قلوبنا ومنازلنا.
التعليقات